إيريك هوبسباوم

epa03416855 British historianEric Hobsbawm الموسوعة

مؤرخ ومفكر ماركسي من بريطانيا، قدم إسهامات بارزة في نقد النظام الرأسمالي والدفاع عن فكرة التطور التاريخي. عُرِفَ بمواقفه ضد الصهيونية مع أنه يهودي، وبمعارضته للستالينية رغم كونه ماركسيا. كان من مناصري ثورات الربيع العربي.

المولد والنشأة
ولد إيريك بيرسي هوبسباوم يوم 9 يونيو/حزيران 1917 في القنصلية البريطانية بمدينة الإسكندرية في مصر، لأب موظف في سلطة الاستعمار البريطاني وأم نمساوية، وهو من عائلة يهودية الأصل وفدت إلى بريطانيا من بولندا في القرن 19 الميلادي.

تنقل في بداية حياته عبر محطات جغرافية عديدة، بدأها بالرحيل بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى مع أبيه بيرسي وأمه نيلي إلى العاصمة النمساوية فيينا، حيث تلقى تعليمه الأولي.

وما لبث هوبسباوم أن تيتم بعد وفاة والده بالسكتة القلبية عام 1929، وأمه بعد عامين بالسل الرئوي، مما دفعه للانتقال مع أخته للعيش مع عم لهما في برلين.

الدراسة والتكوين
بعد انتهائه من المدرسة الحكومية وصعود النازيين إلى الحكم، غادر هوبسباوم ألمانيا مع أخته وعمته إلى بريطانيا، وحصل هناك على منحة في جامعة كامبريدج لدراسة التاريخ خلال 1936-1939.

وعقب الحرب العالمية الثانية بدأ هوبسباوم استكمال دراسته العليا في كامبريدج فحصل منها عام 1947 على الدكتوراه في التاريخ عن الجمعية الفابية.

الوظائف والمسئوليات
سعى هوبسباوم -في أعقاب الحرب العالمية الثانية- للالتحاق بالاستخبارات العسكرية البريطانية لكن طلبه قوبل بالرفض، وبدأ عام 1947 العمل لأول مرة في التدريس بجامعة لندن، غير أن خلفيته الماركسية عرضته من البداية لعقوبات.

عمل هوبسبام منذ عام 1971 وحتى تقاعده عام 1982 أستاذا للتاريخ الاجتماعي والاقتصادي بجامعة لندن، وحصل -خلال حقبتيْ ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين الميلادي- على الاعتراف به مؤرخا من الطبقة السياسية والعلماء.

عمل هوبسباوم بعد ذلك حتى وفاته أستاذا زائرا في عدد من الجامعات العالمية، من أهمها جامعة ستانفورد ومعهد ماساشوستش بالولايات المتحدة وجامعة المكسيك.

التجربة الفكرية
كان لإقامة هوبسباوم في العاصمة الألمانية دور كبير غيّر مجرى حياته، حيث أصبح وهو تلميذ عضوا في منظمة التلاميذ الاشتراكيين، وهي منظمة سرية تابعة للحزب الشيوعي الألماني، واقتنع خلال مشاركته في معسكر مدرسي لهذه المنظمة بالفكر الماركسي.

تلا وصول هوبسباوم إلى بريطانيا انضمامه عام 1936 إلى الحزب الشيوعي، وبعد غزو الاتحاد السوفياتي السابق للمجر عام 1956 انشق العديد من المؤرخين عن الحزب الشيوعي البريطاني بسبب تأييد قيادة الحزب لهذا الغزو، لكن هوبسباوم خالف زملاءه وفضل البقاء في الحزب، لكنه انتقد تأييد الحزب للغزو، وطالب بانسحاب القوات السوفياتية من المجر، فمُنع تداول كتبه في الاتحاد السوفياتي.

مال هوبسباوم فيما بعد إلى تغيير مواقفه الاشتراكية المتشددة، وواصل انتقاداته لسياسة الحزب الشيوعي البريطاني وللنموذج الاشتراكي المطبق في الاتحاد السوفياتي، وأيد استقلال الأحزاب الشيوعية الأوروبية عن موسكو.

وبعد انهيار الشيوعية 1991، ظل هوبسباوم -الذي صُنِفَ أحدَ أهم المؤرخين المعاصرين على المستوى العالمي- على وفائه لأفكاره الماركسية.

شبّه هوبسباوم -في إحدى مقابلاته الصحفية الأخيرة قبيل وفاته- ثورات الربيع العربي بالثورات التي حدثت في أوروبا منتصف القرن التاسع عشر، وأدت إلى تغيير معالم القارة الأوروبية والعالم فيما بعد.

المؤلفات
خلال مسيرته الأكاديمية والفكرية أصدر هذا المؤرخ البريطاني عددا كبيرا من الكتب والمراجع والدراسات، أهمها موسوعته ذات الأجزاء الثلاثة المسماة "عصر الثورة"، والتي رصد فيها الثورات الأوروبية خلال 1789-1848.

وتناول في كتابه "عصر الرأسمالية" مرحلة الازدهار الرأسمالي والثقافي في أوروبا خلال 1848-1875، وتعرض في "عصر الاستعمار" للحقبة الاستعمارية الأوروبية في 1875-1914.

ومن أشهر وأهم مؤلفاته كتاب "عصر التطرفات: القرن العشرون الوجيز 1914-1991" الذي صدر سنة 1994، وتُرجم إلى لغات عديدة من بينها العربية، وقسمه مؤلفه إلى ثلاثة أجزاء تُلخص تاريخ أوروبا منذ بداية القرن العشرين وإلى انهيار الاتحاد السوفياتي السابق عام 1991.

أصدر عام 2011 كتابه الأخير الذي حلل فيه النظرية الماركسية بعنوان "كيف تغير العالم.. أساطير ماركس والماركسية".

الجوائز والأوسمة
حصل هوبسباوم على عدد كبير من النياشين والأوسمة ودرجات الدكتوراه الفخرية من بريطانيا وعدة دول أوروبية ومن الولايات المتحدة، إضافة إلى عضويته في الأكاديميتين البريطانية والأميركية للعلوم والفنون.

حاز جائزة الدولة النمساوية عام 1997 في مجال تاريخ الحركات الاجتماعية، وعلى نوط الشرف البريطاني 1998، وجائزة معرض لايبزيغ الدولي للكتاب عام 1999.

الوفاة
توفي إيريك هوبسباوم يوم 1 أكتوبر/تشرين ثاني عام 2012، متأثرا بأمراض الشيخوخة والتهاب رئوي حاد.

المصدر : الجزيرة