البول

البول سائل تنتجه الكلى أثناء عملية تصفية الدم من السموم والفضلات لطردها من الجسم، وهو أيضا وسيلة تشخيصية للفحص والكشف عن العديد من الأمراض.
كثيرا ما تساءل الأطباء -ومنذ زمن بعيد- عن تكوين البول، حتى اعتقد البعض أن الطبيب -في سالف الزمن- ربما تذوق بول مريضه لاكتشاف ما به من أمراض.
ولا يوجد دليل قاطع يؤكد هذا الزعم أو ينفيه، ومع ذلك فمرض السكري الذي وصفه الأطباء منذ أكثر من ثلاثة آلاف عام اسمه "diabetes mellitus"، وهو يعني في اللاتينية "البول الحلو" أو البول الذي "بطعم العسل".
وقد لاحظ الأطباء وقتها أن الأشخاص الذين كانوا يراجعونهم مشتكين من المرض وأعراضه كالعطش الشديد، كانوا أيضا يقولون إنهم يلاحظون أن النمل يتجمع على بقايا بولهم، وهو أمر قد يكون دفع أحد الأطباء إلى تذوق البول الذي يجذب النمل وقاده إلى هذه التسمية.
والبول سائل تنتجه الكلى في عملية تصفية الدم من السموم والفضلات، إضافة إلى إفراز الفائض من الماء الذي يعمل على إذابة هذه الفضلات، وهو يحتوي أيضا على اليوريا والعديد من الأملاح.

البول وسيلة تشخيص

وإلى جانب وظيفته في حمل الفضلات والسموم الذائبة خارج الجسم، يضطلع البول بأمر آخر مهم، فهو وسيلة تشخيصية للفحص والكشف عن العديد من الأمراض، وهو مؤشر على طبيعة نمط الغذاء أيضا.
فمثلا يدل لون البول الغامق على أنه مركّز، وهذا قد يشير إلى معاناة الشخص من الحمى والجفاف، أو أنه لا يشرب كمية كافية من السوائل، مما قد يدل على ارتفاع مخاطر تعرضه لضربة شمس. أما البول البني الغامق فقد يشير إلى وجود مشاكل في الكبد، خاصة إذا ترافق مع اصفرار الجلد والعينين.
أما اللون الأحمر في البول فقد يكون ناتجا عن تناول بعض العلاجات، مثل دواء ريفامبين الذي يستخدم لعلاج السل. كما أن التسمم بالزئبق والرصاص قد يقود إلى ذلك، لكن البول الزهري اللون يشير فقط وبكل بساطة إلى أنك تحب سلطة الشمندر ربما أكثر من اللازم.
ورائحة البول عادة ما تكون معدومة أو خفيفة، أما رائحته القوية فقد تشير إلى كونه مركّزا نتيجة الجفاف أو نقص شرب الماء، كما قد تدل على الإصابة بالعديد من الأمراض مثل التهاب المثانة والسكري وفشل الكلى الحاد مثلا.
وفي حال حدوث تغير في رائحة أو لون بولك يجدر بك مراجعة الطبيب لإجراء الفحوص اللازمة، لكنها في عصرنا الحالي لن تكون "بتذوق البول"، فالعلم الحديث وفر آلات تحلل مكوناته وتفصل أدق أجزائه وتكشف أعمق خفاياه، فوفّر بذلك الكثير من الجهد على المريض والطبيب أيضا.

البول سائل معقم

وما لا يعرفه الكثيرون أن بول الشخص السليم وقت خروجه من الكلى إلى الحالب يكون سائلا معقما، أي أنه خالٍ من البكتيريا والجراثيم، فالمجرى البولي عند الشخص السليم معقم. ولكن بعد هبوط البول إلى مجراه الذي ينفتح على الجلد الخارجي فإنه قد يتلوث ببعض البكتيريا الموجودة هناك.

وماء البحر والمحيطات وكل ما على الأرض يتضاءل أمام الدور الذي يلعبه البول في أجسامنا للحفاظ على صحتنا، فاضطراب آليته يؤدي إلى المرض وربما الموت. ولعل هذا يفسر قصة الملك الذي سئل ماذا يُعطي إذا حُبس "بوله" في جسمه، فأجاب بلا تردد: ملكي كله.

المصدر : الجزيرة