الثالوث النووي لترمب.. هواجس روسيا والصين

The Ohio-class ballistic missile submarine USS Tennessee returns to Naval Submarine Base Kings Bay, Georgia in this February 6, 2013 handout photo. The Tennessee and 13 other Ohio-class submarines are critical elements of the U.S. nuclear deterrent but the oldest has been in service for 33 years and the end of the fleet's useful life of 42 years is in sight. Every nuclear weapons delivery system in the U.S. arsenal ? the so-called triad of bombers, ballistic missil
تقترح الرؤية تطوير نوع جديد من الصواريخ النووية المحدودة القدرة يتم إطلاقها من غواصات (رويترز)

وثيقة خاصة بالسياسة النووية الأميركية نشرتها إدارة الرئيس دونالد ترمب في 2 فبراير/شباط 2018، تدعو لتطوير أسلحة وقدرات نووية جديدة لمواجهة منافسين مثل روسيا والصين.

تعرف الوثيقة باسم "مراجعة الموقف النووي" لعام 2018 وهي مكونة من 75 صفحة، أصدرتها وزارة الدفاع الأميركية (بنتاغون). وتمت المراجعة الأولى عام 2010، وحثت على تبني خيار نووي لصواريخ بالستية وكروز تطلق من الغواصات بشحنة أقل وقدرة تفجيرية أقل.

وكلف الرئيس ترمب يوم 27 يناير/كانون الثاني 2017 وزير الدفاع جيمس ماتيس بوضع دراسة جديدة للمراجعة النووية، وقال ترمب بوضوح إن أولويته الرئيسية هي حماية الولايات المتحدة وحلفائها وشركائها، وإن هدفه على المدى الطويل هو القضاء على الأسلحة النووية، مع امتلاك بلاده قدرات نووية حديثة.

قدرات نووية
وتشير الوثيقة إلى أن الولايات المتحدة حدّت من الأسلحة النووية والبيولوجية والكيميائية، وأنها خفضت لأكثر من 85% من ترسانتها النووية منذ الحرب الباردة، لكن قوى أخرى بينها الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية تذهب في الاتجاه المعاكس، إذ إنها قامت بتطوير قدراتها النووية. 

وتؤكد أن واشنطن لا تعتبر روسيا والصين أعداء لها، وتأمل أن تكون لها علاقات مستقرة مع البلدين، غير أنها تشير إلى أن هناك صعوبات تطرحها سياسات بكين وموسكو، خاصة في المجال النووي.

وركزت وثيقة الكونغرس على روسيا تحديدا، وأوردت أن "الإستراتيجية الجديدة ستضمن إدراك روسيا أن أي استخدام للأسلحة النووية مهما كان محدودا غير مقبول".

وقال روبرت سوفر مساعد وزير الدفاع المكلف بالسياسة النووية للصحفيين "نريد أن نتأكد من أن روسيا لا تخطئ في الحسابات"، ودعاها إلى "أن تفهم أن شن هجوم نووي، حتى لو كان محدودا، لن يتيح لها بلوغ هدفها وسيغير في شكل أساسي طبيعة النزاع مع كلفة لا يمكن تقديرها وتحملها بالنسبة إلى موسكو".

وبحسب واشنطن، فإن روسيا تطوّر ترسانة من ألفي سلاح نووي تكتيكي، مهددة الدول الأوروبية على حدودها ومتجاهلة التزاماتها بموجب معاهدة "نيو ستارت" لنزع السلاح التي لا تحصي سوى الأسلحة الإستراتيجية التي تشكّل أساسا لمبدأ الردع.

"الثالوث النووي"
تعتمد الإستراتيجية الأميركية الجديدة على تطوير الثالوث النووي، أي القاذفات الإستراتيجية والصواريخ البالستية والغواصات النووية.

ووفق باتريك شانهان نائب وزير الدفاع الأميركي، فإن هذه الإستراتيجية تدعو إلى تطوير الثالوث النووي ومنظومة القيادة والسيطرة، "وهو أمر ضروري وبكلفة ميسورة وطال أوانه". وأضاف "لقد حافظ ثالوثنا النووي على سلامتنا لسبعين عاما ولا يمكننا تحمل ثمن أن يصبح باليا".

يذكر أن الثالوث النووي الأميركي كان محور الدفاع الإستراتيجي لواشنطن منذ ستينيات القرن الماضي، بيد أن مسؤولي الدفاع الأميركيين اشتكوا من أنه يعتمد جزئيا على مخزون بالٍ من الأسلحة وأنظمة التسليم، في الوقت الذي تقوم فيه روسيا والصين بتحديث قواتهما النووية الخاصة.

وفي مارس/آذار 2001، قال وزير الدفاع والطاقة الأميركي الأسبق جيمس شليزنغر إن منشآت الأسلحة النووية الأميركية هرمت وتدهورت بدرجة جعلت الولايات المتحدة غير قادرة حاليا على إنتاج سلاح نووي.

وفيما يشكل قطيعة مع رؤية الرئيس السابق باراك أوباما الذي دعا عام 2009 إلى التخلص من كل الأسلحة النووية، فإن الرؤية النووية لترمب تقترح تطوير نوع جديد من الصواريخ النووية المحدودة القدرة، يتم إطلاقها من غواصات.

وورد في وثيقة البنتاغون أن الولايات المتحدة ستعدّل عددا صغيرا من رؤوس الصواريخ البالستية التي تُطلق من الغواصات بخيارات ذات قوة تدميرية منخفضة، وعلى المدى البعيد سيطور الجيش الأميركي أيضا صاروخ كروز جديدا مزودا برأس حربية نووية ويُطلق من البحر، وقد يستغرق تطوير الصاروخ مدة تصل عشر سنوات.

وهذه الصواريخ الجديدة التي تبقى قدرتها أقل من القنبلة التي ألقيت على مدينة هيروشيما، لن تحتاج إلى التخزين على أراضي دول حليفة، وتستطيع أيضا التصدي للقدرات الروسية المضادة للصواريخ التي تهدف في شكل رئيسي إلى احتواء هجوم جوي.

ويقول مسؤول القدرات الإستراتيجية في هيئة الأركان الأميركية ريغ ويفر إنه يمكن الاستغناء عن هذا البرنامج الجديد "إذا وافقت روسيا على العودة إلى إجراءات مراقبة للأسلحة النووية يمكن التحقق منها".

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فإن لدى الولايات المتحدة ترسانة نووية كبرى تشمل 150 رأسا نوويا من نوع "بي-61" مخزنة في دول أوروبية عدة.

مخاوف وانتقادات
تثير وثيقة "مراجعة الموقف النووي" مخاوف الخبراء من عودة انتشار السلاح وازدياد خطر النزاع النووي، لكن البنتاغون يؤكد أن "الهدف من هذه القدرات هو تقديم صيغة أميركية معقولة لاستخدام السلاح النووي وليس زيادة احتمال أن تكون الولايات المتحدة المبادرة إلى الهجوم".

وجاء التنديد بالسياسة النووية الأميركية من روسيا التي قالت وزارة خارجيتها في بيان صدر يوم 3 فبراير/شباط 2018 "من القراءة الأولى، يبرز جليا الطابع الحربي والمناهض لروسيا لهذه الوثيقة".

يذكر أن العقيدة العسكرية الروسية التي نشرت عام 2014 تتضمن إنفاقا عسكريا عاليا، لكن أقل من النفقات العسكرية الأميركية، ولا تذكر احتمال حصول "هجوم وقائي" مع استخدام رؤوس نووية.

 undefined

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية