مشروع إعدام الفلسطينيين.. وسيلة لـ"ردع" المقاومة

قبر الرضيع علي دوابشة الذي قتله المستوطنون حرقا في قرية دوما في نابلس
الرضيع علي دوابشة استشهد عندما أضرم مستوطنون النار في منزل عائلته في 31 يوليو/تموز 2015 (الجزيرة)

مشروع قانون إسرائيلي يتيح تنفيذ حكم الإعدام على فلسطينيين من سكان الضفة الغربية أدينوا بارتكاب عمليات ضد أهداف إسرائيلية، يستثني اليهود الذين ينفذون جرائم بحق الفلسطينيين،  حظي بتأييد الائتلاف الحكومي، وعارضه الاتحاد الأوروبي لكون هذا القصاص "مهينا وغير إنساني".

تصويت
المشروع قدمه عضو الكنيست روبرت إليطوف رئيس الكتلة البرلمانية لحزب "إسرائيل بيتنا" الذي يترأسه وزير الأمن أفيغدور ليبرمان، بعدما ظل ليبرمان رفقة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو يطالبان بسن قانون لفرض عقوبة الإعدام على الفلسطينيين الذين ينفذون عمليات هجومية ضد الإسرائيليين، باعتبار أن ذلك سيردع المقاومين الفلسطينيين.

وفي يوليو/تموز 2017 قدم مشروع قانون، لكن الكنيست الإسرائيلي رفضه بأغلبية أعضائه.   

وأعيد طرح المشروع أمام الكنيست في ديسمبر/كانون الأول 2017 بعد موافقة أحزاب الائتلاف الحكومي الإسرائيلي، ليصادق عليه الكنيست في قراءة تمهيدية يوم 3 يناير/كانون الثاني 2018 على مشروع القانون بأكثرية 52 مقابل 49 عضوا من أصل 120 هو عدد أعضاء الكنيست الإسرائيلي.

وما زال مشروع القانون يحتاج إلى المرور بثلاث قراءات في الكنيست الإسرائيلي ليصبح نافذا.

وجاءت هذه الخطوة في سياق التحركات الإسرائيلية لفرض المزيد من إجراءات الأمر الواقع على الفلسطينيين بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في 6 ديسمبر/كانون الأول 2017 اعتراف بلاده بالقدس عاصمة لإسرائيل.

المستهدفون
ويستهدف مشروع قانون الإعدام الفلسطينيين الذين ينفذون عمليات ضد الاحتلال الإسرائيلي، وينص على أن المحاكم العسكرية الإسرائيلية بإمكانها فرض عقوبة الإعدام على "الجرائم الإرهابية" إذا وافقت عليها غالبية القضاة وليس بإجماع القضاة الثلاثة كما كان ينص عليه سابقا.

وجاء في النص "أنه إذا أدين منفذ عملية فلسطيني من سكان الضفة الغربية بالقتل فإنه سيصبح بإمكان وزير الأمن الإسرائيلي منح المحكمة العسكرية صلاحيات لفرض حكم الإعدام عليه".

ولا يشير مشروع القانون إلى أي إمكان لتطبيقه على الإسرائيليين الذي يقتلون الأطفال الفلسطينيين والنساء والشيوخ خارج نطاق القانون، مثل الطفل محمد أبو خضير (16 عاما) -من حي شعفاط شرقي القدس المحتلة- الذي خطفه ثلاثة إسرائيليين يوم 2 يوليو/تموز 2014 وضربوه ونكلوا به ورشوا عليه البنزين وأحرقوه وهو على قيد الحياة في غابة غربي القدس.

وهناك أيضا الطفل الرضيع علي دوابشة الذي أضرم مستوطنون النار في منزل عائلته يوم 31 يوليو/تموز 2015، مما أدى إلى استشهاده على الفور، ولحق به والداه سعد ورهام متأثرين بجراحهما.

وفي مارس/آذار 2016، أظهر شريط فيديو نشره مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة "بتسيلم" (غير حكومي)، إطلاق جندي إسرائيلي النار على الشاب الفلسطيني الجريح عبد الفتاح الشريف من مسافة قريبة، مما أدى إلى استشهاده في الحال.

وأكثر الداعمين لمشروع إعدام الفلسطينيين هما ليبرمان ونتنياهو، حيث قال الأول إن هذا القانون سيشكل "وسيلة ردع قوية ضد الإرهابيين بالتأكيد ستكون أكثر فاعلية من هدم منازل أقاربهم"، واعتبر أثناء النقاش الذي جرى داخل الكنيست أن وجود أسرى داخل السجون سيزيد الحافز لدى الآخرين لتنفيذ عمليات اختطاف ومحاولة مبادلتهم بالأسرى.

بينما قال نتنياهو إن مشروع القانون يتعلق "بتحقيق العدالة في مواجهة الحالات القصوى"، مع العلم بأنه سبق له أن دعا في يوليو/تموز2017 إلى إعدام فلسطيني قتل ثلاثة إسرائيليين طعنا بمستوطنة في الضفة الغربية المحتلة، وقال في حينه "لقد آن الأوان لتنفيذ حكم الإعدام على الإرهابيين في الحالات القصوى".

ورفض نتنياهو الإجابة أثناء المداولات التي شهدتها الكنيست، قبيل التصويت، على سؤال عما إذا كان مثل هذا القانون سيسري على يهود نفذوا وينفذون جرائم قتل بحق فلسطينيين.

ورغم التأييد الذي لقيه مشروع القانون في القراءة التمهيدية داخل الكنيست، أبدت بعض الجهات الإسرائيلية معارضتها له، ليس لكونه يتعارض مع القوانين الدولية، ولكن خشية من أن يسبب في موجة من عمليات اختطاف اليهود حول العالم، كما أكد رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي "شاباكنداف أرغمان.

كما أن النائب في الكنيست عن "المعسكر الصهيوني" المعارض للحكومة نشمان شاي رفض مشروع القانون، لأن "تشريع تنفيذ عقوبة الإعدام سيؤدي إلى ضغط دولي لن تستطيع إسرائيل تحمله".

معارضة أوروبية
الفلسطينيون اعتبروا أن مشروع القانون الإسرائيلي يدخل ضمن القوانين العنصرية التي تصدرها سلطات الاحتلال، وتعهد رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس في تصريح لوكالة رويترز بالنضال ضد هذا القانون.

الاتحاد الأوروبي من جهته أبدى معارضة لمشروع القانون الإسرائيلي من منطلق أن الإعدام ينتهك القوانين الدولية والكرامة الإنسانية، ووصف مكتب الاتحاد لدى إسرائيل هذه الخطوة بأنها "مهينة، وتتعارض مع الكرامة الإنسانية"، وقالت في بيان، يوم 3 يناير/كانون الثاني 2018، إن الإعدام "قصاص مهين وغير إنساني ، وليس له أي تأثير رادع".

وحكم الإعدام منصوص عليه في القانون الإسرائيلي، إلا أن سلطات البلاد لا تطبقه استنادا إلى تعاليم الدين اليهودي، وتكتفي بأحكام السجن لمدد طويلة تصل إلى مئات السنين.

وتزعم وسائل الإعلام الإسرائيلية أن حالة الإعدام الوحيدة في إسرائيل نفذت عام 1962 بحق المقدم الألماني أدولف إيخمان المدان بجرائم حرب نازية، حيث اختطفه عملاء الموساد الإسرائيلي عام 1960 ونقلوه إلى القدس المحتلة، ثم شنقوه وأحرقوا جثته.

وعقوبة الإعدام تعني قتل شخص نتيجة ارتكابه جريمة عظمى، كما يُحددها قانون البلد الذي يُحاكم فيه. ويُشترط أن تكون العقوبة واردة في منطوق حكم قضائي يتوج محاكمة عادلة جرت أمام محكمة معترف بها ومشكلة وفق القانون. وإذا اختل أحد الشروط السابقة فإن عملية الإعدام تدخل في نطاق التصفية الجسدية أو الإعدام خارج القانون. 

المصدر : الجزيرة + وكالات + مواقع إلكترونية