فنون التعذيب عند المخابرات الأميركية

FILE PHOTO - In this photo, reviewed by a U.S. Department of Defense official, a Guantanamo detainee's feet are shackled to the floor as he attends a "Life Skills" class inside the Camp 6 high-security detention facility at Guantanamo Bay U.S. Naval Base April 27, 2010. REUTERS/Michelle Shephard/Pool/File Photo

تعددت الأساليب التي استخدمتها وكالة المخابرات المركزية الأميركية (سي.آي.إي) في تعذيب سجناء اعتقلوا بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 بشبهة "الإرهاب"، وزج بهم في مختلف المعتقلات خاصة غوانتانامو في خليج كوبا.

وتمتلك وكالة المخابرات الأميركية تاريخا طويلا في برنامج الاحتجاز والاستجواب، يمتد منذ 17 سبتمبر/أيلول 2001 حتى يناير/كانون الثاني 2009، حيث أصدر الرئيس باراك أوباما أمرا تنفيذيا يحظر على الوكالة احتجاز الأشخاص ويقيد أساليب استجواب معتقليها، ويحصرها بالدليل الميداني للجيش.

ووقع الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن يوم 7 فبراير/شباط 2002 مذكرة تفيد بعدم تطبيق اتفاقيات جنيف على الصراع العالمي مع تنظيم القاعدة، وهو ما فتح الباب لاستخدام أساليب استجواب تخترق القوانين الدولية وحقوق الإنسان.

وجاء في تقرير لمجلس الشيوخ الأميركي صدر عام 2014 أن أساليب التعذيب المختلفة التي استخدمتها وكالة المخابرات المركزية ضد سجناء اعتقلوا بعد هجمات 11 سبتمبر، تنوعت بين: الإيهام بالغرق، والضرب، والتهديد بالكهرباء، والحرمان من النوم، والتهديدات بالاعتداءات الجنسية، والإذلال.

وتوصل التقرير إلى أن التقنيات التي استخدمتها الوكالة أثناء الاستجواب لم تكن وسيلة فعالة للحصول على المعلومات، وأن تبريرها لهذه التقنيات كان يستند إلى تأكيدات غير دقيقة.

أساليب التعذيب
الإيهام بالغرق: استخدم محققو وكالة المخابرات الأميركية أسلوب الإيهام بالغرق ضد السجناء، وتسبب لهم ذلك في تشنجات وقيء. ومن بين هؤلاء أبو زبيدة الذي اعتقل في مارس/آذار 2002 ونقل إلى مركز احتجاز تابع للوكالة، حيث خضع لاستجواب مشترك من ضباطها ومن مكتب التحقيقات الاتحادي (أف.بي.آي)، ولحقت به أضرار عدة أثناء تعرضه للتعذيب بالإيهام بالغرق.

الكويتي خالد شيخ محمد بعد اعتقاله في مارس/آذار 2002 ونقله إلى مركز اعتقال تابع لوكالة المخابرات، تعرض بدوره لأساليب التحقيق القاسية والمشددة، من ضمنها 183 حالة "إيهام بالغرق".

وفي شهادة له كشف عنها عام 2015، روى المعتقل الباكستاني ماجد خان أن الحراس والمحققين أدخلوه حماما به حوض استحمام يمتلئ بالماء والثلج، وبينما هو مقيد ومغطى بقلنسوة أوقفوه في الحوض ثم أدخلوا جسده كاملا في الماء المجمد، وأبقوا وجهه في الماء بقوة لفترة من الوقت كاد خلالها أن يغرق".

واعتقل خان في كراتشي بباكستان عام 2003، واحتجز أكثر من ثلاث سنوات في مواقع سرية للوكالة، قبل أن ينقل إلى معتقل غوانتانامو عام 2006.

خفض الحرارة: استخدم أسلوب خفض درجة الحرارة في إحدى زنازين سجن في "كوبالت"، حيث كان يوضع المعتقلون في حمامات مليئة بالماء المثلج، ويرجح أن هذا الأسلوب ساهم في وفاة أحد المعتقلين. وأكد مسؤول كبير في وكالة المخابرات الأميركية أن "كوبالت" في ذاته كان تقنية معززة للاستجواب. 

النوم والعزل: أُجبر المعتقلون على البقاء مستيقظين لمُدد تصل إلى 180 ساعة وهم في وضعية الوقوف، وأحيانا تكون أيديهم مقيدة فوق رؤوسهم. وبسبب هذه الممارسة تعرض خمسة معتقلين لاضطرابات. ويعد خالد شيخ محمد أكثر من تعرض لعقاب الحرمان من النوم، حيث حرم منه لأكثر من أسبوع.

كما يترك المعتقلون وسط ظلام تام في زنازين معزولة لفترات طويلة، حسبما جاء في تقرير مجلس الشيوخ الأميركي لعام 2014. وكانت الموسيقى والضجيج أيضا من وسائل التعذيب.

وظل الباكستاني خان محبوسا في مكان مظلم معظم العام 2003، وفي حبس انفرادي بين عامي 2004 و2006، وكان يُهدد بأدوات حديدية، وبعض المحققين كانت تفوح من أنفاسهم رائحة الخمر.

الاعتداءات الجنسية: وجه مسؤولون في وكالة المخابرات الأميركية تهديدات لمعتقلين بإيذاء ذويهم، بما في ذلك تهديد أحد المعتقلين بالاعتداء جنسيا على والدته، وتهديد آخر بنحر والدته، وذلك وفق ما أقره تقرير مجلس الشيوخ الأميركي.

وفي شهادته، روى المعتقل الباكستاني خان أن الوكالة استخدمت أساليب من الاعتداءات الجنسية وأشكال تعذيب أخرى أكثر مما ورد في تقرير مجلس الشيوخ، وقال إن القائمين على استجوابه سكبوا مياها مثلجة على أعضائه التناسلية، وصوروه عاريا بالفيديو مرتين، ولمسوا "مناطق حساسة" من جسمه مرارا، وعلقوه ثلاثة أيام متواصلة دون نوم. وكل هذه الأساليب لم يرد لها ذكر في تقرير المجلس.

من جهتها، كشفت صحيفة ذي غارديان البريطانية في مارس/آذار 2016 أن وكالة السي.آي.أي احتفظت بصور لمعتقلين وهم عراة قبل إرسالهم إلى التعذيب في بلدان أخرى، وهو ما وصفه حقوقيون بأنه قد يرتقي إلى جريمة حرب، علما بأن القانون الإنساني الدولي يحظر تصوير السجناء باستثناء حالات محددة منصوص عليها تتعلق بنظام اعتقالهم، وذلك حماية لكرامتهم.

تعميق الإصابات: في مخالفة لالتزاماتها تجاه وزارة العدل الأميركية، صدرت تعليمات من مسؤولين في وكالة المخابرات المركزية للمحققين بالمضي في الاستجواب العنيف لمعتقلين لا تسمح أوضاعهم الصحية بذلك.

وعلى سبيل المثال صدرت توجيهات بأن استجواب أبو زبيدة مقدم على رعايته الصحية، وهو ما أدى إلى تدهور جرح ناتج عن رصاصة أصيب بها أثناء اعتقاله.

وتعرض معتقلان آخران على الأقل لمعاملة مماثلة رغم تحذيرات طبية من أن تلك الأساليب يمكن أن تسبب تفاقم الإصابات الجسدية للمعتقلين، وفقا لتقرير مجلس الشيوخ الأميركي.

الإذلال: شمل ذلك إجبار سجناء على المشي عراة، كما كانوا يسحبون خارج زنازينهم، وكانت ملابس المحتجز تمزق مع ضربه وجره ذهابا وإيابا في ممر السجن. 

ومن وسائل الإذلال الأخرى إجبار معتقلين على لبس "حفاظات"، ومنعهم لفترات طويلة من الذهاب إلى دورات المياه.

الإجهاد: من أساليب التعذيب الأخرى التي استخدمها محققو الوكالة إجهاد السجناء بطرق مختلفة أثناء استجوابهم، ففي إحدى الحالات التي أشار إليها تقرير مجلس الشيوخ وضع أحد المحققين عصا مكنسة خلف ركبة سجين عندما كان الأخير جاثيا على ركبتيه.

وكشف اليمني رمزي بن الشيبة عن تعرضه للتعذيب لسنوات من قبل الحراس عن طريق الضجيج والاهتزازات.

التغذية القسرية: وتتلخص في وضع أنبوب داخل الشرج مرتبط بطعام مهروس وضخه داخل جسم المعتقل، وهي طريقة طبية قديمة تستخدم كأسلوب للتعذيب. وتضخ سوائل إلى جسم الضحية باستخدام نفس أسلوب التغذية عبر الشرج بدلا من الفم.

وأشار تقرير مجلس الشيوخ الأميركي إلى تعرض خمسة معتقلين على الأقل للتغذية القسرية بحقن دون ضرورة طبية موثقة.

كما فرض على ثلاثين معتقلا على الأقل نظام غذائي يشمل التحول من الأطعمة الصلبة إلى السائلة، وهو ما طبق على المعتقل أبو زبيدة.

الحشرات: ويتمثل هذا الأسلوب في وضع المعتقل داخل مكان مليء بالحشرات كالبعوض والديدان، وهو من أساليب التعذيب والإذلال التي تعرض لها مئات المعتقلين بينهم أبو زبيدة.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية