كيف حاولت أميركا اغتيال كاسترو بالسيجار المسموم؟

Then Cuban Prime Minister Fidel Castro smokes a cigar during interviews with the press during a visit of U.S. Senator Charles McGovern, in Havana in this May 1975 file photo. REUTERS/Prensa Latina/File Photo
كان السيجار المسموم من الوسائل المستعملة في محاولة اغتيال كاسترو (رويترز)

وظلت أنشطة وكالة المخابرات المركزية الأميركية طي الكتمان إلى أن فضحتها "لجنة تشيرش" في مجلس الشيوخ الأميركي عام 1975، وهي اللجنة التي حملت اسم عضو الشيوخ عن ولاية إيداهو فرانك تشيرش.

وتبنى تشيرش كشف المحاولات السرية للمخابرات الأميركية لاغتيال المعارضين في العالم، وحازت محاولات اغتيال كاسترو نصيب الأسد من أنشطة هذه المخابرات، حيث كان ينظر إلى أجندته الشيوعية وتحالفه مع الاتحاد السوفياتيعلى أنه تهديد خطير.

السيجار المسموم
ووثقت لجنة "تشيرش" ثماني محاولات وضعتها المخابرات المركزية الأميركية لاغتيال فيدل كاسترو، بعضها وجد طريقه إلى التنفيذ العملي، في حين تم التخلي عن البعض الآخر، وتشير تقديرات أخرى إلى أنه كانت هناك عشرات المحاولات الأخرى، حيث وضع رئيس جهاز مخابرات كاسترو كتابا أورد فيه مئات الخطط للتخلص من كاسترو، إلا أن الإدارة الأميركية لم تؤكد ذلك.

وتضمنت واحدة من محاولات اغتيال كاسترو استخدام "السيجار المسموم"، وقد ذكرت لجنة "تشيرش" في أغسطس/آب 1960 أن المخابرات المركزية طلبت من مسؤول وضع مادة سامة في السيجار المفضل لكاسترو، يمكنها أن تؤدي إلى الوفاة بمجرد لمسه بالفم.

وكشفت تسجيلات المخابرات المركزية الأميركية عن تمرير صندوق السيجار إلى شخص مجهول، إلا أنه لم يتضح ما إذا كان الصندوق قد وصل إلى كاسترو.

الأقراص المسمومة
وحاولت المخابرات المركزية أيضا استخدام شخصيات بارزة في عالم الإجرام على مستوى العالم لاغتيال كاسترو، وفقا للجنة "تشيرش". وضمن هذا السياق، اتصلت المخابرات عبر وسطاء بهؤلاء المجرمين بالولايات المتحدة، يحدوها الأمل في إمكانية إجرائهم ترتيبات مع نوادي المقامرة في كوبا للوصول إلى كاسترو.

وقبل غزو "خليج الخنازير" الذي نفذته مجموعة من الكوبيين الذين يعيشون في المنفى ممن قامت المخابرات المركزية بتدريبهم ودعمهم، حيث هبطوا على الشاطئ ونظموا تمردا استهدف الإطاحة بكاسترو قبل أن تبوء المحاولة بالفشل، تم تمرير أقراص مسمومة في مناسبات عدة عبر شخصيات وهمية إلى أفراد في كوبا يفترض أنهم على اتصال وثيق بكاسترو، وفشلت هذه المحاولات بعد نجاح مخابرات كاسترو في التنصت على اتصالات هؤلاء العملاء.

وشملت عملية أخرى بعد أزمة خليج الخنازير استخدام المافيا من خلال استخدام الأقراص والأسلحة الصغيرة، غير أنه تم التخلي عن هذه المحاولة بعدما تبين أنها لن تنجح.

القوقعة الغريبة
وناقشت وكالة المخابرات المركزية الأميركية بعد ذلك إمكانية استخدام "قوقعة غريبة الشكل" بها متفجرات يمكن إلقاؤها في المياه التي اعتاد كاسترو أن يمارس هواية الغطس بها، ووفقا للخطة المرسومة لذلك، فإن الشكل الغريب للقوقعة ربما يغري كاسترو على التقاطها، وعندئذ تنفجر فيه، غير أنه تم طرح هذه المحاولة جانبا باعتبارها "غير عملية"، بحسب ما أوردته لجنة "تشيرش".

وفكرت المخابرات الأميركية في منح كاسترو بدلة غطس مسمومة تصيبه بمرض جلدي معدٍ، ومع ذلك لم تبرح هذه البدلة المعمل الذي أعدت فيه، ومن المحاولات الأخرى التي تواصلت حتى عام 1965 تمرير أقلام مسمومة إلى عملاء في كوبا لتوصيلها إلى كاسترو.

ولم يتوقف الأمر عند حد اغتيال فيدل كاسترو، بل تفتق ذهن رجال المخابرات الأميركية عن أفكار وصلت إلى حد تدبير محاولات لإذلاله، ومن بينها مادة تؤدي إلى تساقط شعر لحيته، وعنصر كيميائي مشابه لمادة "أل أس دي" من شأنها التأثير على قدرته على الكلام.

وفي المجمل، نجا كاسترو من مؤامرات لا تحصى لاغتياله بلغت رقما قياسيا من 638 محاولة بحسب موسوعة غينيس للأرقام القياسية.

ومع ذلك، لم تكن محاولات واشنطن ولا الكوبيين المنفيين ولا انهيار الشيوعية السوفياتية هي من أنهى حكم كاسترو، بل المرض الذي أجبره على التنازل عن السلطة لشقيقه الأصغر راؤول كاسترو مؤقتا في 2006 ثم نهائيا في 2008، قبل أن يغمض عينيه للأبد أواخر 2016.

المصدر : وكالات