قانون "التغذية القسرية" للأسرى الفلسطينيين

قانون إسرائيلي يجيز لمصلحة السجون تغذية الأسير الفلسطيني المضرب عن الطعام، ويخول للمحكمة إعطاء الضوء الأخضر للطبيب بإطعام ومعالجة المضرب عن الطعام قسرا، بما يخالف إرادته ويتناقض مع قانون حقوق المريض.

ووافق الكنيست الإسرائيلي على مشروع قانون التغذية القسرية للأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام أواخر يوليو/تموز 2015 بعد أن صادقت عليه الحكومة الإسرائيلية في 14 يونيو/حزيران 2015 .

ويلجأ الأسرى الفلسطينيون للإضراب عن الطعام من أجل تحقيق مطالب متعلقة بتحسين شروط الحياة في السجون، أو المطالبة بالإفراج عنهم في حال تم اعتقالهم "إداريا" دون محاكمة.

وقوبل القانون بمعارضة فلسطينية ودولية وحتى من الداخل الإسرائيلي، فقد أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) القانون، معتبرة إياه تشريعاً لقتل الأسرى على يد الطاقم الطبي التابع لإدارة السجون. وأكدت أن إقرار القانون دليل على العجز الإسرائيلي عن "كسر إرادة الأسرى المضربين عن الطعام لفترات طويلة".

وقالت حركة الجهاد الإسلامي إنّ من حق الأسرى الإضراب عن الطعام، والتعبير عن معاناتهم الإنسانية داخل السجون.

وأضافت في بيان لها أن الإضراب عن الطعام هو "الوسيلة الوحيدة" أمام المعتقلين للاحتجاج على "جرائم إسرائيل".

أما الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين فقالت إن إسرائيل تسعى إلى استخدام وسيلة "غير إنسانية" و"غير أخلاقية".

ومن جانبها قالت مؤسسة الضمير لحقوق الإنسان إن المصادقة على قانون التغذية القسرية تهدف إلى توفير غطاء قانوني لجرائم التعذيب التي ترتكبها السلطات الإسرائيلية، وتشكل تحدياً سافراً للأعراف والمواثيق الدولية التي حرمت التغذية القسرية.

وأضافت المؤسسة في بيانها أن اللجنة الدولية للصليب الأحمر أكدت معارضتها الإطعام القسري للأسرى، وشددت على ضرورة احترام خياراتهم والحفاظ على كرامتهم الإنسانية.

وحذر مركز أسرى فلسطين للدراسات -وهو مؤسسة غير حكومية- من التداعيات الخطيرة المتوقعة لتنفيذ أسلوب التغذية القسرية، مذكرا بموقف "الرابطة الطبية العالمية" المعلن عنه في إعلانيْ مالطا وطوكيو المنقحين في سنة 2006، والذي تبنته منظمة الصحة العالمية.

وينص هذا الموقف على أن "كل قرار تم بشكل غير إرادي وتحت التهديد والإلزام هو عديم القيمة الأخلاقية، حيث لا يصح إلزام المضربين عن الطعام بتلقي علاج يرفضونه، واعتبار الإطعام الإجباري لمن يرفضه عملا غير مبرر".

وسبق للسلطات الإسرائيلية أن أرغمت في السابق أسرى فلسطينيين على تناول الطعام، فقد صرح رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين (التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية) عيسى قراقع بأن "التغذية القسرية قد تؤدي إلى الموت مثلما حدث في سجن نفحة عام 1980، حيث استشهد ثلاثة أسرى بعد إرغامهم على تناول الطعام".

وفي تعقيبه على سن قانون "التغذية القسرية" قال مفجر ثورة الأمعاء الخاوية الأسير خضر عدنان إن القانون ينم عن إفلاس احتلالي في التعامل مع أسير فلسطيني مضرب عن الطعام ويبحث عن الحرية، كما يعد إفلاسا في تعامل آلة القوة والقمع الإسرائيلية مع خطوة أكثر من سلمية تؤذي صاحبها المضرب عن الطعام أكثر من أي شخص آخر.

وأضاف عدنان للجزيرة نت أن "هذا مساس بحرية الإنسان بجسمه، فلنا الحرية في أن نأكل ونشرب ونتناول الدواء أو نمتنع، لذا لا بد من وقفة علنية ودولية أمام هذا الاحتلال، وكان أولى بالمؤسسات الدولية التحرك قبل سن القانون".

وتابع "لا تتحمل حكومة الاحتلال وحدها مسؤولية ما يحصل مع الأسرى بسجونها، ووصلت الأمور للمشرّع الإسرائيلي في الكنيست، ومن خلفه الناخب الذي يتحمل جزءا كبيرا من المسؤولية لأنه جاء بهذه الحكومة اليمينية".

وفي الجهة المقابلة، كتب وزير الأمن الداخلي جلعاد إردان -الذي تبنى المشروع- في حسابه على فيسبوك أن عمليات الإضراب عن الطعام التي يقوم بها "إرهابيون" أصبحت سلاحا يحاولون به تهديد دولة إسرائيل، وفق تعبيره، وأضاف أن قرار الحكومة "يبعث رسالة واضحة مفادها أننا لن نرضخ أمام أي تهديد".

غير أن اتحاد الأطباء في إسرائيل يعتبر التغذية القسرية نوعا من التعذيب وتنطوي على مخاطر صحية، وحث الأطباء الإسرائيليين على عدم الامتثال لهذا القانون.

وضمن مواقف المنظمات الدولية، جدد المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب والمعاملة القاسية خوان منديز مطالباته إسرائيل بوقف هذه الممارسات.

وحذر منديز من أن ذلك سيؤثر في المقام الأول على الفلسطينيين المحتجزين لدى إسرائيل ومنهم المحتجزون إداريا، مؤكدا أن الإطعام الإجباري للمعتقلين يرقى إلى المعاملة القاسية واللا إنسانية.

وفي الوقت نفسه، قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الصحة داينيس بوراس إن التغذية الإجبارية لن تكون متوافقة مع معايير حقوق الإنسان.

يشار إلى أن معطيات رسمية فلسطينية تُفيد بوجود أكثر من 6500 أسير فلسطيني في السجون الإسرائيلية.

المصدر : الجزيرة + وكالات