تقرير وفد الجامعة العربية عن زيارة العراق (2003)

BAGHDAD, IRAQ - DECEMBER 7: In this handout photo, Iraqi contractors use a large crane to remove the last Saddam Hussein 'head' from the Presidential Palace used as the Coalition Provisional Authority (CPA) Headquarters December 7, 2003 in Baghdad, Iraq. The US led coalition earmarked 35,000 dollars for the removal of the heads that portray a stern-looking helmeted Saddam as the Arab heroic fighter Saladin.
الغزو الأميركي نجح في محو آثار نظام صدام لكنه أدخل العراق في دوامة عنف طائفي (غيتي)

تقرير يورد خلاصات لقاء وفد الجامعة العربية مع الشخصيات والهيئات السياسية والدينية في العراق عقب الغزو الأميركي الذي أسقط نظام الرئيس السابق صدام حسين. تلقى الوفد شكاوى الهيئات من تدهور الأوضاع الأمنية، وتدخل الجيران وخاصة إيران في الشؤون الداخلية، مع الدعوة إلى تقوية دور العرب في عراق ما بعد صدام.

 

نص تقرير وفد الجامعة العربية عن زيارته إلى العراق
في إطار متابعة تنفيذ قراري مجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري رقم 6324 و6325 بتاريخ 9/9/2003 واللذين طلب المجلس فيهما من الأمين العام (عمرو موسى) متابعة الوضع في العراق، وتقديم تقرير إلى مجلس الجامعة عن مدى التقدم الحاصل في تنفيذ هذين القرارين، وتلبية للدعوة التي وجهها عدد من أعضاء مجلس الحكم الانتقالي العراقي خلال لقاءاتهم مع الأمين العام، وكذلك تلبية لرغبة العديد من القيادات السياسية والحزبية والعشائرية والمراجع الدينية العراقية والتي أكدت جميعها على أهمية قيام الأمانة العامة للجامعة بإرسال وفد إلى العراق.

وجه السيد الأمين العام بإرسال وفد من الأمانة العامة للجامعة إلى العراق برئاسة السفير أحمد بن حلي الأمين العام المساعد المشرف على القطاع السياسي ومجلس الجامعة، وعضوية السيد علي الجاروش مدير الإدارة العربية، والسيد حسام زكي الناطق الرسمي باسم الأمين العام، والسيد طلال الأمين المسؤول عن الشؤون العربية في مكتب الأمين العام ورئيس قسم اللجان الوزارية.

تحددت مهمة وفد الجامعة في تأكيد الحرص على التواصل مع الشعب العراقي والتعبير عن التضامن العربي معه، وكذلك للاطلاع عن كثب على الأوضاع السياسية والأمنية والمعيشية في العراق، والوقوف على مدى التقدم الحاصل نحو استعادة الشعب العراقي لسيادته وإعادة بناء مقومات دولته ومؤسساته الوطنية، وكذلك التواصل مع مختلف فئات الشعب العراقي والاستماع إلى رؤاها ومقترحاتها بشأن عملية نقل السلطة إلى العراقيين وإنهاء الاحتلال، بالإضافة إلى التعرف على وجهة نظر العراقيين حول الدور العربي المأمول للمساهمة في العملية السياسية وفي جهود إعادة إعمار العراق.

وقد قام وفد الجامعة بأداء المهمة الموكلة إليه خلال الفترة من 18 إلى 30/12/2003، حيث دخل العراق عن طريق البر من دمشق يوم 18/12/2003 وعاد إلى القاهرة عن طريق الكويت بعد انتهاء مهمته التي زار خلالها بغداد العاصمة وضواحيها، ومدينتي الرمادي والفلوجة في محافظة الأنبار، ومدن النجف وكربلاء والديوانية في الفرات الأوسط، ومدن السليمانية وأربيل وصلاح الدين في شمال العراق، بالإضافة إلى زيارة مدينة البصرة في الجنوب العراقي.

التقى الوفد خلال هذه المهمة مع رئيس وأعضاء مجلس الحكم الانتقالي وعدد من الوزراء، بالإضافة إلى إجراء سلسلة من الزيارات واللقاءات شملت ما يزيد عن 600 شخصية عراقية من زعماء ورؤساء وممثلي الأحزاب والمرجعيات الدينية والعشائر والمثقفين والإعلاميين وأساتذة الجامعات وأعضاء النقابات ومنظمات المجتمع المدني، كما حرص الوفد على اللقاء مع رؤساء البعثات الدبلوماسية العربية المتواجدة في العراق (مرفق برنامج عمل زيارات الوفد ولقاءاته). 

وفيما يلي عرض لخلاصة الأفكار والآراء التي استمع إليها الوفد، وقد تم ترتيبها في مجموعات لتسهيل عملية قراءتها ومتابعتها، وهي:

أولا: اللقاءات مع رئيس وأعضاء مجلس الحكم ووزارات الخارجية والداخلية والمهجرين وحقوق الإنسان.

ثانيا: اللقاءات مع ممثلي الأحزاب السياسية والعشائر والمثقفين والمهنيين.

ثالثا: اللقاءات مع المراجع الدينية.

رابعا: اللقاءات في إقليم كردستان العراق.

خامسا: زيارات أخرى (المتحف العراقي، جامعة بغداد، مستشفى الإسكان، مدرسة القدس، جمعية السجناء السياسيين.. إلخ).

سادسا: الملاحظات والاستنتاجات.

سابعا: المقترحات والتوصيات.

أولاً: اللقاءات مع رئيس وأعضاء مجلس الحكم ووزارات الخارجية والداخلية والمهجرين وحقوق الإنسان

أجرى الوفد مجموعة من اللقاءات مع رئيس وأعضاء مجلس الحكم وعدد من الوزراء شملت:

-لقاء موسعا مع جميع أعضاء مجلس الحكم برئاسة السيد عدنان الباجه جي.

-لقاء مع السيد إبراهيم الجعفري (عضو هيئة رئاسة مجلس الحكم) بحضور السيد عادل مراد (ممثل السيد جلال طالباني عن الاتحاد الوطني الكردستاني) والسيد حاجم الحسني (ممثل السيد محسن عبد الحميد عن الحزب الإسلامي).

-لقاء مع السيد نوري البدران وزير الداخلية.

-لقاء مع السيد محمد جاسم خضير وزير المهجرين والمهاجرين بحضور مجموعة من مسؤولي الوزارة.

-لقاء مع السيد عبد الباسط تركي سعيد وزير حقوق الإنسان بحضور عدد من مسؤولي الوزارة.

-لقاء مع السيد السفير بسام كبه مدير عام وزارة الخارجية وعدد من المسؤولين في الوزارة، نظرا لوجود السيد هوشيار زيباري وزير الخارجية (العراقي) خارج العراق أثناء زيارة الوفد.

وفيما يلي عرض لأهم النقاط التي طرحها الجانب العراقي في تلك اللقاءات:

-الترحيب بزيارة وفد الجامعة، وتأكيد حرص المجلس على اضطلاع العراق بدوره في جامعة الدول العربية باعتباره من الدول المؤسسة لها، وحرصه أيضا على مد جسور التعاون مع كافة الدول العربية على أسس جديدة بعيدا عن ممارسات النظام السابق وما خلفه من توترات وخلافات في علاقات العراق مع جيرانه ومحيطه العربي والدولي، والتمني بأن تكون هذه الزيارة مؤشرا على تحول إستراتيجي في علاقات العراق مع أشقائه العرب.

-التعبير عن مشاعر العتب لغياب الجامعة والدول العربية عن التواجد المباشر في الساحة العراقية، والتأخر في مد يد العون والمساعدة للشعب العراقي، والتغاضي عن جرائم وانتهاكات النظام السابق.

-إبراز حجم المعاناة والاضطهاد والانتهاكات التي تعرض لها الشعب العراقي إبان فترة حكم النظام السابق، وذكر السيدان وزير المهجرين والمهاجرين ووزير حقوق الإنسان أن تلك الانتهاكات قد طالت جميع الأديان والطوائف والقوميات، وأفرزت بعد زوال النظام مجموعة من الأوضاع والمشكلات الإنسانية والاجتماعية المعقدة في جميع أنحاء العراق، وتشير التقديرات الأولية إلى وجود حوالي 260 مقبرة جماعية، وأربعة ملايين مهاجر عراقي في الخارج، وعشرات الآلاف وربما مئات الآلاف من المفقودين ومجهولي المصير، بالإضافة إلى مشاكل معقدة ناتجة عن حملات التطهير العرقي وعمليات التهجير والنفي الجماعي، والاغتيالات والتصفيات بالجملة التي تعرض لها الأكراد والشيعة خاصة إبان فترة الحرب مع إيران والانتفاضة التي قامت ضد النظام عام 1991 والتي أصابت أيضا شرائح أخرى واسعة من السنة ومختلف الطوائف والقوميات والأحزاب السياسية والدينية في جميع المدن العراقية بدون استثناء.. وتشير تلك التقديرات إلى أن ضحايا تلك الجرائم ربما يفوق مليون شخص.

-التعبير عن الاستياء من الدعوات التي تطعن في شرعية مجلس الحكم والوزارات العراقية المنبثقة عنه، باعتبارها دعوات تؤدي، سواء عن قصد أو عن غير قصد، إلى إشاعة أجواء البلبلة والاضطراب الأمني والسياسي في الساحة العراقية، والتوضيح أن وجود مجلس الحكم قد أملته الضرورة السياسية لملء حالة الفراغ التي أصابت البلاد بعد سقوط النظام وانهيار مؤسسات الدولة وتسلم قوات الاحتلال زمام الأمور والذي تكرس دوليا بقرار مجلس الأمن رقم 1483 (2003)، والتأكيد أن مجلس الحكم، وإن كان لا يدعي بأنه يمتلك شرعية منبثقة عن الإرادة الانتخابية الحرة للشعب العراقي، في تركيبته الحالية يمثل، وإلى حد كبير، مجموع القوى الرئيسية الفعالة في الساحة العراقية بتنوعها وتعددها السياسي والحزبي والطائفي، ويضم المجلس شخصيات وأحزابا لها وزنها التاريخي والنضالي في الساحة العراقية، وإنه لم يكن هناك من بديل لهذه الصيغة الانتقالية في ظل الظروف الصعبة التي أفرزتها أخطاء وممارسات النظام السابق وواقع الاحتلال.

-التأكيد على أن العراق يعيش اليوم حالة فريدة من الحرية والديمقراطية، وإن كانت لا تخلو من الفوضى والتعقيد، وأن هذه حالة جديدة على الشعب العراقي بعد أربعة عقود من الحكم الدكتاتوري، حيث توجد الآن شفافية كاملة في ممارسة الحريات الديمقراطية يعبر عنها وجود تشكيلات واسعة من الأحزاب والجمعيات والصحف المعبرة عن مختلف الاتجاهات والتيارات السياسية والاجتماعية، وأن المطلوب من الأشقاء العرب احتضان هذه الحالة ومساعدة الشعب العراقي على تخطي ظروف المرحلة الانتقالية الصعبة المحفوفة بالمخاطر والتحديات الجسيمة على مختلف المستويات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.

-التحذير من أن العراق اليوم يقف عند مفترق طرق: إما نجاح هذه التجربة الديمقراطية، أو الفشل وحدوث الكارثة التي تهدد مستقبل العراق ووحدة شعبه وأراضيه، مع التأكيد أن الشعب العراقي لن يقبل بالعودة إلى الدكتاتورية، وأن جميع أعضاء مجلس الحكم متفقون على ضرورة مواصلة الجهود من أجل إنجاح هذه التجربة الديمقراطية والعمل على تحقيق المصالحة الوطنية واستيعاب مختلف الفئات السياسية والدينية غير الممثلة في مجلس الحكم خلال الفترة المقبلة.

-تأكيد حرص مجلس الحكم على العمل من أجل استعادة السيادة الكاملة للعراق واستعادة الإرادة الوطنية العراقية، وأن العمل جار حاليا لتنفيذ بنود الاتفاق الموقع مع سلطات الاحتلال بشأن عملية نقل السلطات والتي من المنتظر أن تفضي بحلول 30 يونيو (حزيران) 2004 إلى انتخاب "حكومة انتقالية" من قبل "المجلس الوطني الانتقالي" الذي ستشارك في اختياره جميع مجالس المحافظات العراقية الثمانية عشرة، وستتولى "الحكومة الانتقالية" كافة السلطات وممارسة السيادة التامة في حكم العراق، وتحل مكان سلطة الاحتلال ومجلس الحكم الانتقالي، كما ستتولى تلك الحكومة الإشراف على عملية إعداد الدستور وإجراء انتخابات حرة عامة تفضي إلى تشكيل حكومة عراقية جديدة في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2005. كما أشار عدد من أعضاء مجلس الحكم إلى الصعوبات التي تواجه عملية اختيار "المجلس الوطني الانتقالي"، وأن البحث جار حول إمكانية أن يتم هذا الاختيار بالانتخابات المباشرة، وذكروا أن المجلس يسعى حاليا إلى تذليل تلك الصعوبات بالتشاور مع مختلف الأطراف حتى يمكن التوصل إلى صيغة عملية ومقبولة من الجميع.

-التأكيد أن التفجيرات والاعتداءات المسلحة على مراكز الشرطة والمنشآت المدنية العراقية، وغيرها من أعمال العنف التي يذهب ضحيتها المواطنون الأبرياء، لا يمكن اعتبارها من أعمال المقاومة للاحتلال، وإنما هي عمليات إرهابية تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار وتعطيل مسيرة العملية السياسية وزرع بذور الفتنة والاقتتال الطائفي والعرقي.

-التحذير من مغبة تحويل العراق إلى ساحة لتصفية الحسابات والصراعات الإقليمية والدولية، والتأكيد على ضرورة تعاون دول الجوار في ضبط حدودها مع العراق التي تشهد تزايدا في عمليات تسرب الإرهابيين وتهريب الأسلحة وتجارة المخدرات، مع التأكيد على ضرورة وجود إطار ينظم التعاون بين العراق ودول الجوار من أجل حل المشاكل العالقة ووضع آليات فعالة تساعد على وقف حالة التدهور الأمني التي تشهدها الساحة العراقية.

-الإشارة إلى أن أحد الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تدهور الوضع الأمني وتفشي حالة عدم الاستقرار، تعود إلى الخطأ الذي ارتكبته قوات الاحتلال عندما أقدمت على تسريح الجيش العراقي وحل جميع مؤسسات وأجهزة الدولة بعد دخولها العراق مباشرة، وفي هذا السياق ذكر السيد وزير الداخلية أنه قد طرح في النقاش الدائر مع المسؤولين الأميركيين حول هذا الموضوع الخيارات المطروحة لحل هذه المشكلة وهي: إما إعادة القسم الأكبر من عناصر الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية من الذين لم يرتكبوا جرائم ضد الشعب العراقي، أو العمل على بناء القوات العسكرية والأمنية من جديد، وهو ما أشار إلى أنه يحتاج إلى الكثير من الوقت، أو اللجوء إلى تعزيز القوات الموجودة حاليا بقوات دولية جديدة وفقا لما جاء في قرار مجلس الأمن رقم 1511 (2003).

-التعبير عن الاستياء من الدور السلبي الذي تقوم به بعض الفضائيات العربية التي تثير النعرات الطائفية والعرقية في العراق وتؤجج نار الفتنة، ومطالبة الدول العربية بأن تلعب دورا في ترشيد سياسة إعلامية عربية موجهة إلى الشعب العراقي تسهم في تحقيق الأمن والاستقرار وتعزز الحوار وأجواء الوحدة الوطنية العراقية.

-في إطار ما أبداه الوفد من اهتمام بمتابعة أحوال المعتقلين لدى قوات الاحتلال، أفادت تقديرات السيد وزير حقوق الإنسان بأن هناك حوالي 10 آلاف معتقل لدى قوات الاحتلال، وأن هناك انتهاكات عديدة تحدث في عمليات المداهمة والاعتقالات ومعاملة المعتقلين، وذكر أن الوزارة وبالتعاون مع منظمات حقوق الإنسان ونقابة المحامين تتابع رصد تلك الانتهاكات، وتقوم بطرح وإثارة هذه القضية مع الجهات المسؤولة في قوات الاحتلال، وأشار السيد الوزير إلى وجود صعوبات لا تزال تعترض معالجة هذه القضية، حيث تعتبر قوات الاحتلال أن أسباب وجود تلك الانتهاكات يعود إلى صعوبة ظروف عملها في ظل استمرار "حالة الحرب" التي لم تنته بعد، رغم الإعلان عن انتهاء العمليات العسكرية الكبرى.

-أفاد كل من السيد وزير الداخلية والسيد وزير حقوق الإنسان بأن التعاون قائم ومستمر مع السلطات الكويتية من أجل الكشف عن مصير الأسرى والمفقودين الكويتيين ورعايا الدول الأخرى، وأنه أمكن التعرف على رفات مجموعة من أولئك الأسرى والبحث لا يزال مستمرا للكشف عن مصير بقية المفقودين. وأكد السيد وزير حقوق الإنسان أن هناك صعوبات تواجه عمليات البحث والتعرف على هويات الضحايا والحفاظ على المقابر الجماعية وحمايتها من أعمال العبث، وطالب بأن يكون للجامعة دور رئيسي في معالجة هذه القضية.

-وردا على استفسار الوفد، شرح السيد وزير شؤون المهاجرين والمهجرين حالة اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في العراق، في ضوء ما تعرضوا له من ظروف حياتية صعبة بعد سقوط النظام وطردهم من المنازل التي سبق أن منحهم إياها النظام السابق، وذكر أنه قد قام بزيارتهم في مخيم حيفا، وأن الوزارة قد وفرت لهم ما أمكنها من المساعدات، بما في ذلك حق الاستفادة من البطاقة التموينية وتأمين دخول الطلبة إلى المدارس والجامعات، ومعاملتهم على قدم المساواة مع إخوتهم العراقيين، وأشار إلى أن الوزارة تتابع مع المفوضية السامية لشؤون اللاجئين ترتيب أوضاعهم وبحث إمكانية توفير السكن الملائم لهم لنقلهم من مخيم حيفا.

-الطلب من جامعة الدول العربية تعيين ممثل دائم لها في العراق لتأكيد الحضور العربي في الساحة العراقية، والإسهام العربي في عملية الحوار الداخلي الدائر حول مستقبل العراق ومساعدته على تحقيق الاستقرار واستعادة سيادته وإعادة إعماره.

-مطالبة الجامعة والدول العربية أن تسهم إسهاما فعالا في مشاريع إعادة إعمار العراق، وحث المنظمات وصناديق التنمية العربية على الاضطلاع بدورها في هذا المجال، والترحيب بالجهود التي تقوم بها الجامعة في هذا الصدد، ودعوتها إلى التدخل من أجل المساهمة في حل مشكلة الديون المتراكمة على العراق.

-مناشدة الجامعة والدول العربية تقديم المساعدات المالية والعينية العاجلة لإعادة تأهيل الوزارات والأجهزة الحكومية العراقية والتي انهارت تماما وتعرضت للنهب إثر سقوط النظام، مع الإشارة إلى أن هذه المساعدات يمكن أن تكون في شكل دورات تدريبية وبرامج إعادة تأهيل للموظفين والكوادر الفنية، إضافة إلى تقديم التجهيزات والمعدات والمختبرات لصالح الدوائر الحكومية والمستشفيات والمدارس وغيرها من منظمات المجتمع المدني والمؤسسات المعنية بمعالجة المشاكل الإنسانية وتحسين ظروف الحياة المعيشية اليومية للشعب العراقي.

-الطلب من الجامعة والدول العربية التدخل من أجل حث الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، ومختلف المنظمات الدولية الحكومية وغير الحكومية، من أجل العودة إلى العراق لاستئناف أنشطتها في توفير المساعدات والخبرات لحل المشاكل الإنسانية وإعادة تأهيل المرافق والأجهزة العراقية الحكومية وغير الحكومية.

-مناشدة الجامعة والوزارات والأجهزة المختصة في الدول العربية أن تتعاون مع وزارة المهجرين والمهاجرين العراقيين لمساعدتها في ترتيب عملية عودة المهاجرين العراقيين الموجودين في الدول العربية وتوفير الإحصاءات والبيانات المتعلقة بهم، والمساعدة في تقديم الخبرات الفنية والدورات التدريبية والعون المالي من أجل إيجاد آلية مناسبة لمعالجة متطلبات عملية استيعاب هؤلاء المهاجرين في العراق وتوفير السكن وفرص العمل لهم، وكذلك لمعالجة مشكلة المهجرين داخل العراق وتوفير التعويضات لهم وإعادة إسكانهم.

-مناشدة الجامعة والأجهزة المختصة في الدول العربية المساهمة، ومن خلال جامعة الدول العربية، في دعم أنشطة وزارة حقوق الإنسان ومساعدتها في تبادل الخبرات من أجل تنمية شبكة منظمات المجتمع المدني العراقية (تتعاون الوزارة مع أكثر من 120 مركزا ومنظمة غير حكومية عراقية معنية بحقوق الإنسان)، التعامل مع المقابر الجماعية وما تتطلبه من عمليات فنية في مجالات توثيق الأدلة وإجراء الفحوصات (DNA) وغيرها للتعرف على هويات الضحايا وحماية تلك المقابر من أعمال العنف. وتشير التقديرات الأولية للوزارة إلى أن تكاليف هذا الأمر تبلغ حوالي الأربعة ملايين دولار.

أثار رئيس وفد الجامعة مع أعضاء مجلس الحكم عددا من المطالب التي عبرت عنها القوى السياسية العراقية وتتناول بصفة خاصة:

-موضوع معاقبة العراقيين المنتسبين إلى حزب البعث العراقي.

-مشكلة المسرحين من وظائفهم.

-أوضاع المعتقلين من قبل سلطات الاحتلال.

ثانيا: اللقاءات مع ممثلي الأحزاب السياسية والعشائر والمثقفين والمهنيين

قام الوفد بزيارة عدد من المدن في وسط وجنوب العراق شملت على التوالي: كربلاء والنجف والديوانية والرمادي والفلوجة والبصرة، وذلك للقاء زعماء العشائر وممثلي الأحزاب المتواجدين فيها، والاستماع إلى وجهات نظرهم إزاء ما يدور من أحداث، كما استقبل الوفد في مقر إقامته في بغداد عددا كبيرا من الشخصيات العراقية وممثلي العشائر والأحزاب ووفودا عديدة من المثقفين والمهنيين، وكانت تلك الوفود في أغلبها تتكون من 20 إلى 30 شخصية في المتوسط في كل اجتماع، وقد عبر جميعهم عن رغبتهم بأن يصل صوتهم إلى الجامعة والدول العربية، كما سلم بعضهم وفد الجامعة وثائق ومذكرات وبيانات معربين عن أملهم بأن يتم إيصالها إلى القيادات والمسؤولين العرب.

 فيما يلي عرض موجز لأبرز ما طرح في تلك اللقاءات من آراء وأفكار مرتبة بحسب تاريخ عقدها:

عقد الوفد بتاريخ 20/12/2003 ثلاثة اجتماعات متتالية مع ممثلي "تجمع الأحزاب والقوى الشعبية القومية" (التيار القومي) الذي يرأسه السيد مالك دوهان الحسن نقيب المحامين في العراق، وكذلك اجتمع الوفد مع ممثلين لبعض عشائر عبادة من محافظة ذي قار وذلك في مقر التجمع في بغداد، كما اجتمع الوفد بعدها مع رئيس "رابطة الدفاع عن حقوق الشعب العراقي" السيد مزهر الدليمي بحضور الدكتور حسن البزاز وعدد كبير من أعضاء الرابطة وذلك في مقرها ببغداد. وفي مساء 21/12/2003 استقبل وفد الجامعة في مقر إقامته وفدا موسعا من المثقفين والأكاديميين العراقيين من "مركز الدراسات الإستراتيجية" برئاسة الشيخ فاتح كاشف الغطاء وبحضور مجموعة من ممثلي الأحزاب والصحفيين، ويمكن تلخيص أبرز الأفكار والآراء التي طرحت في تلك اللقاءات على النحو التالي:

-التعبير عن مشاعر العتب الشديد على الجامعة والدول العربية لتأخرهم في إرسال وفد إلى العراق، وأيضا لما وصفوه "الموقف السلبي للجامعة" إزاء الاحتلال الأجنبي لبلد عربي أساسي مثل العراق، مع التأكيد على ضرورة التحرك العربي الفعال والسريع من أجل إنقاذ العراق من المخاطر الجدية التي تستهدف وحدته وتهدد هويته العربية.

-الإعراب عن المخاوف من السيناريوهات والمخططات التي ترسم للعراق والتي تهدد مستقبله كدولة عربية موحدة، وتوجيه الانتقاد لأطروحات الفدرالية الجغرافية والقومية التي ينادي بها الأكراد العراقيون، حيث اعتبرها البعض بمثابة مقدمة لتقسيم الدولة العراقية، وطرح اعتماد مبدأ الفدرالية الإدارية كبديل عنها.

-التحذير من حملات التعبئة الطائفية التي بدأت تستشري في المجتمع العراقي على كافة المستويات، واعتبار البعض أن تشكيلة مجلس الحكم الانتقالي كانت من الأسباب التي ساهمت في زرع بذور التعبئة الطائفية، حيث كرست سلطات الاحتلال مبدأ الطائفية ليس فقط على مستوى مجلس الحكم وإنما في مختلف الوظائف والتعيينات الإدارية التي تجرى حاليا في كافة الأجهزة المستحدثة للدولة العراقية.

-التنديد بانتهاكات قوات الاحتلال لحقوق الإنسان ورفع الشكاوى من ممارساتها وسوء معاملتها للمواطنين العراقيين، والتي تشمل استخدام العنف على نطاق واسع دون مبررات، بالإضافة إلى الاعتقالات العشوائية لمدة غير معلومة وانتهاك حرمة المنازل وهدم البيوت وغيرها من الممارسات التي أكد الجميع أنها تشكل انتهاكا صارخا لحقوق الإنسان العراقي وأنه لا بد من اتخاذ موقف عربي منها وإيجاد حلول عاجلة لما تخلفه من مشاكل إنسانية واجتماعية.

-التعبير عن المخاوف من إضفاء الشرعية على وجود قوات الاحتلال، وذلك من خلال الاتفاق الذي تم توقيعه مؤخرا بين سلطات الاحتلال ومجلس الحكم، مع التشكيك في قدرات مجلس الحكم على اتخاذ القرارات المستقلة التي تتماشى مع مصلحة الشعب العراقي. كما اعتبر البعض أن سلطات مجلس الحكم وقراراته غير نافذة وبشكل خاص في المحافظات، وأن سلطة القانون غائبة كلية، مما أدى إلى انتشار الفوضى وتفاقم حالة عدم الاستقرار وتدهور الوضع الأمني في العديد من المدن والقرى العراقية.

-التحذير مما يجرى تداوله من اقتراحات لتسليم المليشيات الحزبية سلطات الأمن في العراق، لأن ذلك سوف يؤدي إلى إشعال فتيل الحرب الأهلية والاقتتال الداخلي.

-التعبير عن المخاوف من الآثار المحتملة للقرارات الاقتصادية التي تصدرها سلطات الاحتلال والتي سوف تترك تأثيرات طويلة الأجل على المستقبل الاقتصادي للعراق، بالإضافة إلى آثارها السلبية على الأوضاع المعيشية الراهنة لمختلف شرائح المجتمع العراقي.

-توجيه الانتقادات الشديدة لقرار سلطات التحالف بتسريح الجيش العراقي، والمطالبة بإعادة المسرحين إلى الخدمة باستثناء الذين ارتكبوا الجرائم بحق الشعب العراقي، والتأكيد على ضرورة الإسراع بإعادة بناء الجيش العراقي باعتباره الضامن لأمن واستقرار البلاد، كما تم شرح الآثار السلبية الناتجة عن عمليات التسريح تلك، حيث أصبح هؤلاء يشكلون جيشا كبيرا من العاطلين عن العمل، الأمر الذي يهدد مصير عائلاتهم ويساهم إلى حد كبير في تفاقم أزمة الأمن والاستقرار في مختلف المدن العراقية.

-الإعراب عن القلق من محاولات تدخل من دول الجوار في الشؤون الداخلية للعراق، والتحذير من مغبة استخدام الساحة العراقية كساحة لتصفية الحسابات والتدخلات الخارجية.

-توجيه الانتقادات لبعض الفضائيات العربية التي تروج للأطروحات الطائفية والعرقية عبر توجيه الأخبار والبرامج التي توحي بأن الصراع الطائفي والعرقي هو السبب الأساسي للأزمة التي يعيشها العراق.

 -مطالبة جامعة الدول العربية والمنظمات والأجهزة العربية الحكومية وغير الحكومية بتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة لأبناء الشعب العراقي، وخاصة لأولئك الذين انقطعت مصادر رزقهم بسبب الحرب والذين يعيشون اليوم معاناة قاسية يزيد من حدتها تفاقم الأزمة المعيشية واضطراب الحالة الأمنية وتفشي البطالة، واقتراح أن يتم توجيه هذه المساعدات مباشرة إلى العائلات المحتاجة وبالتنسيق مع منظمات المجتمع المدني العراقية.

-مطالبة جامعة الدول العربية بالتدخل من أجل حل مشكلة الديون المتراكمة على العراق للدول العربية، ورفض الطروحات التي تدعو إلى تسديد العراق للمزيد من التعويضات، واعتبار ذلك بمثابة نهب لثروة الشعب العراقي الذي لم يكن له ذنب فيما ارتكبه النظام السابق من جرائم وأخطاء.

-مطالبة الجامعة العربية بتبني اقتراح عقد مؤتمر وطني عراقي شامل يجمع كافة القوى السياسية العراقية الفاعلة، ويعقد تحت إشراف الأمم المتحدة والجامعة العربية من أجل الخروج بتوصيات ملائمة تكون ملزمة للجميع، وكذلك مطالبة الجامعة العربية والأمم المتحدة بالإشراف على عملية إعداد الدستور العراقي ومراقبة الانتخابات والتحضيرات اللازمة لإجرائها، بالإضافة إلى ضرورة النظر في تشكيل قوات عربية لتحل مكان قوات الاحتلال وتتولى مسؤولية المحافظة على الأمن خلال المرحلة الانتقالية الراهنة.

-قام وفد الجامعة بزيارة لمدينة الديوانية يوم 22/12/2003 حيث استقبل من قبل الشيخ حسين الشعلان من مشايخ عشيرة الخزاعل في الديوانية ومجموعة من زعماء العشائر والمثقفين والمسؤولين في المدينة. وتناول الوفد الغداء معهم واستمع إلى ما طرحوه من أفكار، التي يمكن إيجازها في الآتي:

-إن العراق يستحق الحصول على دعم إخوانه العرب بعد أن وقف إلى جانبهم في كل محنهم السابقة، مع التعبير عن مشاعر العتب نظرا لصمت الجامعة والدول العربية عن ما عاناه الشعب العراقي من اضطهاد وظلم تحت حكم النظام السابق.

-الإعراب عن التمسك الشديد بالهوية العربية للعراق، والتأكيد على ضرورة أن تعيد الدول العربية النظر في سياساتها وأسلوب تعاملها مع معاناة الشعب العراقي حتى لا يتم عزل هذا الشعب عن محيطه العربي.

-شرح للمعاناة التي عاشتها الديوانية ومنطقة الفرات الأوسط أيام نظام الحكم السابق وما مارسه من اضطهاد وممارسات قمعية ضد أبناء المنطقة، وتحميله مسؤولية وقوع العراق تحت الاحتلال الأجنبي.

-توجيه الانتقاد واللوم إلى عدد من دول الجوار لما تقوم به مما وصفه بأنه "أدوار هدامة" لا تساعد العراق على التخلص من محنته، بل تزيد من جراحه وحالة انعدام الأمن فيه.

-التنديد ببعض المواقف التي تصدر عن جهات رسمية عربية أو من جانب الإعلام العربي وتصب في اتجاه تأجيج النعرات الطائفية، واعتبار تلك المواقف بأنها تشكل تهديداً حقيقياً لمستقبل التعايش السلمي والحضاري بين أبناء الشعب العراقي بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم.

-المطالبة بأن تتم محاكمة الرئيس العراقي السابق في العراق ومن جانب العراقيين.

-الطلب من الجامعة العربية أن تساعد العراقيين من أجل إنهاء الاحتلال وإعادة الاستقرار والأمن إلى ربوعه، والتدخل من أجل حمل سلطات الاحتلال على احترام العادات والقيم العربية والإسلامية في تعاملها مع السكان المدنيين.

-التمني بأن تتمكن الجامعة العربية من تخفيف الأعباء الاقتصادية المفروضة على العراق وذلك ببذل الجهود من أجل تخفيف ديونه وإلغاء التعويضات المستحقة عليه، باعتبار أن جميعها من "تركة" النظام السابق.

قام الوفد بتاريخ 23/12/2003 بزيارة كل من مدينة الرمادي ومدينة الفلوجة، حيث استقبل من قبل حشد كبير من زعماء عشيرة الدليم وعدد كبير من شيوخ وعشائر المنطقة وقياداتها الدينية والسياسية، بالإضافة إلى رئيس وأعضاء هيئة علماء المسلمين. كما تناول الغذاء مع زعماء وشيوخ منطقة الرمادي بضيافة السيد مزهر الدليمي رئيس رابطة الدفاع عن حقوق الشعب العراقي، وتتلخص أهم النقاط التي طرحت في هذين اللقاءين بالآتي:

-الانتقاد الحاد لممارسات قوات الاحتلال ضد أبناء الشعب العراقي وبشكل خاص ما يرتكبه من انتهاكات وممارسات قمعية في هذه المنطقة التي توصف بأنها أحد معاقل عمليات المقاومة ضد الاحتلال. وتتمثل تلك الانتهاكات -كما ذكر أهالي المنطقة- في الاعتقالات التعسفية وانتهاك حرمة المساجد والبيوت بصورة مخالفة لجميع الأعراف والتقاليد العربية والإسلامية وحقوق الإنسان الأساسية، وكذلك الاعتقالات العشوائية بحق أشخاص معاقين وشبان وأطفال دون الـ15 سنة، والذين يتم اعتقالهم بدون مبرر وبصورة عشوائية ويتم سجنهم لفترات طويلة بدون محاكمة، ومطالبة الجامعة العربية بأن تقوم بإرسال وفد لزيارة السجون للاطلاع على أوضاع المعتقلين والتعرف على ما يلحق بهم من انتهاكات (طلب الوفد زيارة سجن أبو غريب ولم يتسن إتمام ذلك).

-التعبير عن مشاعر الاستياء والغضب من حملة "الإقصاء والتهميش" التي يتعرض لها زعماء وأهالي هذه المنطقة، واعتبار أن المقصود من وراء تلك الحملة هو استبعاد فئة معينة ومذهب معين من العراقيين الذين يدافعون عن عروبة العراق ووحدته، وذلك حتى يتم إقصاؤهم عن المشاركة في العملية السياسية الجارية التي ستحدد مستقبل العراق وعلاقته بمحيطه العربي والإسلامي.

-اعتبار قرار المصالحة الذي أصدره مجلس الحكم مؤخراً قرارا غير جاد ويهدف إلى توجيه التهديد والاتهامات إلى فئات معينة.

-توجيه الانتقادات الحادة لأطروحات الفدرالية القومية والعرقية باعتبارها تمهد لتجزئة العراق وعزله عن محيطه العربي، والتحذير من المحاولات الجارية لضم كركوك وبعض أجزاء منطقة ديالى ونواحي الموصل إلى إقليم كردستان، حيث تجري حملات منظمة لحمل العرب والتركمان على الرحيل عن المنطقة.

-توجيه الانتقاد لتشكيلة مجلس الحكم الانتقالي باعتبارها من صنع قوات الاحتلال ومبنية على أساس عرقي وطائفي، واتهام أعضاء مجلس الحكم بعدم الفعالية والانغلاق على أنفسهم وعدم التحاور مع القوى السياسية الأخرى الموجودة على الساحة العراقية.

-التأكيد على رفض فكرة استمرار القوات العسكرية الأجنبية على أرض العراق تحت أي مسمى كان، والدعوة إلى انسحاب سريع لهذه القوات بعد إجراء عملية نقل السيادة إلى العراقيين.

-مطالبة جامعة الدول العربية بأن تبذل جهودها مع دول الجوار المحيطة بالعراق لمناشدتها حتى لا تستغل الساحة العراقية لتحقيق مصالح إقليمية على حساب استقرار العراق.

-مطالبة جامعة الدول العربية بأن تتولى بالتنسيق مع الأمم المتحدة مسؤولية تنظيم انتخابات عامة ينبثق عنها تشكيل حكومة وطنية تمثل كافة العراقيين على اختلاف مذاهبهم وأعراقهم، والتمني بأن تقف الجامعة العربية إلى جانب الشعب العراقي حتى يتمكن من إنهاء الاحتلال والمحافظة على عروبة العراق ووحدة شعبه.

استقبل الوفد بتاريخ 23/12/2003 في مقر إقامته ببغداد مجموعة كبيرة من ممثلي الأحزاب والجمعيات والاتحادات السياسية التالية: تجمع أحزاب مؤتمر العراق، حزب الوحدة الوطنية للإصلاح، التيار الديمقراطي العراقي، الحركة الوطنية التقدمية للإنقاذ، الحزب الطليعي الاشتراكي الناصري، حركة قادة المستقبل، حركة الضباط والمثقفين الوطنيين، حزب الإصلاح الديمقراطي، التحالف الوطني العراقي، حزب العدالة الإسلامي، حزب الشعب الوطني العراقي، حزب المصير العراقي الواحد، حركة بناء مستقبل العراق، منظمة حرية الشباب العراقي، جمعية تأمين الشعوب، اتحاد الاقتصاديين العراقيين، الائتلاف الوطني العراقي، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من المثقفين ورجال الصحافة والإعلام. وفي ما يلي عرض لأبرز النقاط التي استمع إليها الوفد في هذه اللقاءات:

-المطالبة بإعادة صياغة آلية نقل السلطة والسيادة إلى الجانب العراقي والتي اتفق عليها بين مجلس الحكم وسلطة الاحتلال، باعتبار أن هذه الآلية لا تسمح بأن يكون هناك تمثيل ديمقراطي صحيح لإرادة الشعب العراقي، الذي يجب أن يكون المصدر لجميع السلطات، وصاحب الرأي الأخير في تشكيل الحكومة الانتقالية.

-توجيه الانتقاد لتشكيلة مجلس الحكم الانتقالي، ومطالبته بضرورة الدخول في حوار جدي مع القوى السياسية الأخرى الموجودة على الساحة العراقية.

-التحذير من مخاطر القرارات التي تصدر عن قوات الاحتلال ومجلس الحكم وخاصة القرارات الخاصة في المجال الاقتصادي، والمطالبة بعدم اتخاذ أية قرارات يكون لها أثر طويل المدى خلال الفترة الانتقالية الحالية.

-التعبير عن رفض الأطروحة الفدرالية المبنية على أساس قومي باعتبارها تهدد وحدة العراق، وكذلك التعبير عن رفض فكرة استمرار القوات العسكرية الأجنبية في التواجد على أرض العراق بعد انتقال السيادة إلى العراقيين.

-مطالبة الجامعة العربية بأن تدعو إلى عقد مؤتمر عام للقوى السياسية العراقية من أجل الحوار وتبادل الرأي حول المستقبل السياسي للعراق، على أن يشترك في هذا المؤتمر جميع الأطراف والقوى السياسية والدينية والعرقية الممثلة لجميع فئات الشعب العراقي على مختلف انتماءاتهم.

-التأكيد على أهمية أن تلعب الجامعة العربية دورا في الإشراف على تنفيذ الجدول الزمني المقترح لآلية نقل السلطة، وكذلك أن تبذل جهودها من أجل إسقاط الديون العراقية أو على الأقل تقليصها، بالإضافة إلى حث الدول العربية على توفير المساهمات للمساعدة في جهود إعادة إعمار العراق.

-المطالبة بأن تتولى الأمم المتحدة مسؤولية تنظيم انتخابات عامة ويتم بناء عليها تشكيل حكومة ممثلة لجميع الأطراف العراقية.

-مطالبة الجامعة والدول العربية بأن تبذل ما بوسعها من أجل إعفاء العراق من الديون المستحقة عليه، وكذلك من أجل وقف عمليات تسلسل الإرهابيين وتهريب الأسلحة والمخدرات عبر حدوده من دول الجوار.

استقبل وفد الجامعة في مقر إقامته مساء يوم 23/12/2003 وفدا يمثل القضاة العراقيين المفصولين من الخدمة، والذين قدموا شرحا للظلم الذي أصابهم نتيجة لقرار فصلهم، وقدموا مذكرة في هذا الشأن إلى الجامعة، كما ذكروا النقاط التالية:

-أن عدد القضاة الذين فصلوا من عملهم يبلغ 174 قاضيا، أغلبهم ينتمون إلى الطائفة السنية، وقد حرموا من رواتبهم وتعويضاتهم ومن إمكانية الانضمام إلى نقابة المحامين مما أدى إلى قطع سبل عيشهم وأسرهم.

-الطعن في قانونية جميع الإجراءات التي اتبعت لإصدار قرار فصلهم، والتشكيك في نوايا وأهداف مستشار سلطة الاحتلال في وزارة العدل الذي كان شخصيا وراء اتخاذ هذا القرار.

-مطالبة جامعة الدول العربية بالتدخل لمساندة قضيتهم ومساعدتهم على إيجاد حل لمشكلتهم، مع التأكيد أنهم لم يرتكبوا أية مخالفات يمكن أن تؤدي إلى فصلهم بالشكل التعسفي الذي عوملوا به.

 استقبل وفد الجامعة بتاريخ 24/12/2003 في مقر إقامته وفدا من نقابة السادة الأشراف في العراق برئاسة عبد الله علي النعيمي، وهي نقابة تأسست في زمن الدولة العباسية عام 215 هـ وتضم ممثلين عن عدد كبير من العشائر العراقية، وعرض الوفد موقفه من التطورات الجارية على الساحة العراقية، وركز على ما يلي:

-التعبير عن التمسك بوحدة العراق أرضا وشعبا، والرفض المطلق لجميع المحاولات الرامية إلى تجزئة العراق تحت أية مسميات كانت.

-مطالبة الجامعة والدول العربية بأن تعمل ما بوسعها من أجل الاستعجال في إقرار الدستور العراقي الجديد وأن تشرف على عملية إعداده وصياغته حتى يمكن ضمان الحقوق الفردية لجميع العراقيين بمختلف اتجاهاتهم وطوائفهم وقومياتهم، بالإضافة إلى المعاونة في الإشراف على العملية السياسية والانتخابات، والمساهمة في إعمار العراق حتى لا تتعرض ثروات العراق للنهب على أيدي الشركات الأجنبية.

 قام الوفد بتاريخ 24/12/2003 بزيارة إلى مقر حزب الملكية الدستورية حيث عقد لقاء مع الشريف علي بن الحسين بحضور مجموعة من أعضاء الحزب، كما التقى الوفد بعدها بممثلي أحزاب: "تجمع الوحدة الوطنية العراقي"، "مؤتمر بغداد"، "التجمع الوطني العراقي"، "حزب العدالة والتقدم الديمقراطي". وفي ما يلي عرض لأبرز النقاط التي طرحت في تلك اللقاءات:

-إن آلية نقل السلطة الموقعة بين مجلس الحكم الانتقالي وسلطة التحالف تتضمن عيوبا عديدة من أبرزها أنها تعطي كلا الطرفين الحق في الاعتراض على أي مرشح، وهو الأمر الذي لا يتسم بالعدالة وقد ينتج عنه عدم احترام إرادة الشعب العراقي وحقه في اختبار من يمثله.

-الإشارة إلى وجود "ملحق" غير معلن للاتفاق الموقع بين مجلس الحكم وسلطة الاحتلال. ويسمح هذا الملحق بدور ممتد لبعض أعضاء مجلس الحكم في "المجلس الوطني الانتقالي" المزمع تشكيله، كما يعطي الملحق الحق لهؤلاء الأعضاء في رئاسة المجلس الجدي (لم يتسن للوفد الحصول على الملحق المشار إليه، أو التأكد من صحة وجوده).

-المطالبة بدور عربي نشط في العملية السياسية الراهنة، وذلك من أجل تحقيق التوازن مع الأدوار الأخرى غير العربية.

-الإشارة إلى انعقاد "مؤتمر العراق الثاني" في بغداد قريبا، ودعوة الجامعة العربية إلى إرسال ممثل عنها لحضور أعمال هذا المؤتمر.

-التأكيد على أن تنوع العراق العرقي والمذهبي يمثل فرصة ينبغي اغتنامها لتكون عامل قوة للمجتمع العراقي وليس عامل تفرقة واقتتال.

-ضرورة ابتعاد الإعلام العربي والجهات الرسمية وغير الرسمية العربية عن استخدام المصطلحات والتسميات التي تؤجج النعرات الطائفية والفرقة بين أفراد الشعب العراقي الواحد.

-التحذير من اعتماد خيار الفدرالية المبنية على أساس جغرافي قومي، لأن ذلك سيكون مقدمة لتجزئة العراق، مع التأكيد أن البديل العملي للمحافظة على وحدة العراق يتمثل في الفدرالية الإدارية.

-التأكيد على أهمية إعادة تشكيل الجيش العراقي الوطني من العناصر التي كانت موجودة فيه قبل صدور قرار حله، لأن ذلك سوف يسهم إلى حد كبير في ضبط الوضع الأمني المتدهور.

-التأكيد على ضرورة قيام دول الجوار بمراعاة حساسية الأوضاع الراهنة في العراق، وأيضا أهمية عدم قيامها أو السماح باستخدام أراضيها لتوجيه الأعمال الإرهابية التي تهدد استقرار العراق ووحدته الوطنية.

استقبل وفد الجامعة بمقر إقامته في بغداد بتاريخ 27/12/2003 وفدا يمثل مجموعة من الأحزاب العربية والتركمانية المتواجدة في مدينتي كركوك والموصل، وضم الوفد الأمين العام للحزب الناصري الطليعي الدكتور عبد الستار الجميلي وصبحي صابر رئيس الجبهة التركمانية العراقية في مدينة كركوك ومحمد طاهر عبد القادر رئيس الجبهة التركمانية العراقية في مدينة الموصل، وعددا آخر من الشخصيات التركمانية والعربية، وقدم الوفد شرحا مفصلا للوضع المضطرب الذي تعيشه مدينتا كركوك والموصل. وفي ما يلي عرض لأبرز النقاط التي ذكرها الوفد:

-إن مستقبل وحدة العراق مرتبط بمصير هاتين المدينتين، حيث تجري المحاولات لطمس هوية كركوك العربية والتركمانية من أجل إلحاقها بإقليم كردستان المزمع إقامته، وكذلك الحال بالنسبة لعدد كبير من القرى والمدن المحيطة بالموصل.

-فور سقوط النظام، قام بعض الأكراد بعملية نهب وسرقة في مدينة كركوك والمناطق المحيطة بها مستهدفين الدوائر الحكومية وبالخصوص الدوائر العقارية ودوائر سجلات الأحوال المدنية، ولم تسلم من تلك السرقات حتى المدارس والمستشفيات ومنازل السكان العاديين. وعندما استقرت الأمور استغلوا الدعم الأميركي واستولوا على مجلس المحافظة في كركوك، وحاليا ترتفع أعلام كردستان على جميع الدوائر والمؤسسات في مدينة كركوك. وتجري يوميا عمليات المداهمة لبيوت العرب والتركمان، وكذلك الاعتقالات العشوائية، وذلك تحت إشراف البشمركة وبالتنسيق مع القوات الأميركية.

-إن ممثلي الشعب التركماني لا يقبلون تقسيم العراق ويرفضون بشدة أن تأخذ جهة قومية حق الجهة الأخرى مهما كانت الظروف، فمدينة كركوك هي مدينة تركمانية بالأصل ويسكنها العرب والأكراد منذ القدم، وبعد أن شهدت في عهد النظام السابق حملات التعريب وتهجير الأكراد فإنها تشهد اليوم حملات "التكريد" تحت شعار أن كركوك هي قلب كردستان.

-إن مجريات الأمور في الموصل تتخذ يوما بعد يوم شكل الصراع العشائري والطائفي.. وكان الأكراد قد تعهدوا بأن لا يدخلوا مدينة الموصل، وقد استسلمت الموصل تحت شرط عدم دخول الأكراد. إلا أنهم وفي اليوم الثاني قاموا باقتحام المدينة وبدؤوا أعمال السلب والنهب والاعتداءات على المدنيين، وكذلك فعلوا في مدينة دهوك. وتشهد حاليا المناطق والقرى المحيطة بالموصل عودة الأكراد الذين تم ترحيلهم في عهد النظام السابق، وقد أدى ذلك إلى خلافات حادة على الأراضي وإلى المصادمات اليومية بين السكان العرب والأكراد، كما تجري عمليات القتل والتصفية ضد العرب.

-إن هناك شركات إسرائيلية بدأت تشتري الأراضي في الموصل وكركوك، وهناك عائلات يهودية بدأت بالعودة، وأعدادهم بالمئات، ومكاتب الموساد موجودة داخل المدينة.

-التحذير من استمرار أعمال التصفية والاعتداءات التي تتعاظم يوما بعد يوم، ومن الأجواء المشحونة التي تدفع إلى الاقتتال وإلى حرب أهلية أكيدة، مع الإشارة إلى أن مناطق كركوك والموصل التي عانت في الماضي من حملات التعريب التي قام بها صدام حسين تعاني اليوم من حملات "التكريد"، مع الإشارة إلى أن الأكراد لديهم اليوم أكبر جيش منظم في العراق بعد أن أمكن لهم الاستيلاء على معظم أسلحة الجيش العراقي.

-مناشدة الجامعة والدول العربية أن تتدخل من أجل درء مخاطر ومنع انفجار الحرب الأهلية في منطقتي الموصل وكركوك، والتمني بأن تتمكن الجامعة من إرسال مراقبين لهذه المنطقة المشحونة بالمخاطر، وذلك من أجل المحافظة على وحدة العراق شعبا وأرضا دون تمييز في العرق أو الدين.

قام الوفد يومي 28 و29/12/2003 بزيارة إلى مدينة البصرة حيث قام بجولة في أحياء هذه المدينة، والتقى الوفد في منطقة الزبير بجمع كبير من زعماء العشائر والأحزاب وعلماء الدين والمثقفين الممثلين للبصرة والمناطق المحيطة بها، واستمع الوفد إلى وجهات النظر التي طرحت في هذا اللقاء، والتي يمكن إيجازها بالآتي:

-التعبير عن مشاعر العتب الشديد على الجامعة والدول العربية بسبب غيابها عن هموم الشعب العراقي ومعاناته سواء قبل الحرب في زمن العهد السابق أو بعدها في زمن الاحتلال، مع توجيه الاتهام إلى الجامعة بالتقصير في دعم القضايا التي تخص الشعوب العربية في فلسطين وغيرها، ووصفها بأنها "مؤسسة فاشلة" لم تحقق إنجازات تذكر في المجال السياسي، وبالتالي فإنه من غير المتوقع أن تقدم الجامعة أو الدول العربية أية مساعدة تذكر للعراق في محنته الحالية.

-التعبير عن الأمل بأن تكون زيارة وفد الجامعة إلى البصرة فاتحة خير لصفحة جديدة في التعامل العربي مع العراق على أسس جديدة، والتمني بأن تكون الجامعة قوية حتى تتقوى بها الشعوب والدول العربية، وذلك بأن تتحول الجامعة من مؤسسة تنسيق عربية عاجزة إلى مؤسسة عمل عربية فعالة، فالجامعة يجب أن تكون ممثلة لآراء الشعوب وأن لا تقتصر على تمثيل إرادة الحكومات فقط، وأنه لو كان هذا واقع الحال لكان يمكن تجنب كارثة الاحتلال الأجنبي للعراق.

-عرض لمعاناة وهموم مدينة البصرة التي كانت تمثل دوما رأس الحربة في المعارك التي خاضها النظام السابق، وأنها دفعت ثمنا باهظا لذلك من القتل والدمار والتخريب، كما أنها عانت طويلا من الاضطهاد والممارسات القمعية للنظام السابق والتي وقعت على الجميع دون استثناء.

-التأكيد على إجماع الشعب العراقي على رفض الاحتلال الأجنبي، إلا أن الشعب العراقي وفي نفس الوقت يناشد إخوانه العرب، وبالخصوص الدول المجاورة، بأن لا يجعلوا من العراق ساحة حرب لتصفية الحسابات مع أميركا، فالعراقيون قادرون بوحدتهم وإيمانهم وبقوة عشائرهم ومراجعهم الدينية أن يتعاملوا مع مشكلة الاحتلال والتخلص منها.

-إن طروحات الفدرالية كمنهج سياسي مرفوضة وغير مناسبة للواقع العراقي، لأن الفدرالية تفيد في تجميع الأجزاء التي يراد لها الاتحاد، والعراق بلد موحد بأرضه وشعبه ولا يجوز تبني الطروحات الفدرالية التي تسعى إلى تفتيته في الإطار الفدرالي.

-التحذير من مشروع تقسيم العراق، ومن وجود بعض الأعضاء في مجلس الحكم ممن يسعون إلى الانفصال وتقسيم العراق، مع التأكيد على الرفض التام لمبدأ الفدرالية الذي يهدف أولا وأخيرا إلى التمهيد لتقسيم العراق، ومطالبة الجامعة العربية باتخاذ موقف واضح من هذه الطروحات للحيلولة دون تفتيت العراق.

-التأكيد على عدم قناعة العراقيين بأن الغرب يريد للعراق أن يكون ديمقراطيا، وإنما ما يريده الغرب هو خدمة مصالحه فقط، وذلك لأن القوى التي يمكن لعراق ديمقراطي أن يمثلها لن تكون بالتأكيد لصالح الغرب على المدى الطويل، ولذلك فإن المطروح الآن على الشعب العراقي هو عدد من البدائل الخادعة التي تشبه الديمقراطية، ولكن دون أي مضمون حقيقي.

-مطالبة الجامعة العربية بأن تبذل جهودها من أجل الحد من تدخلات وتجاوزات بعض دول الجوار في أمور العراق، والتحذير من مغبة تدخلات الجيران المغرضة والتي تستهدف القضاء على أي أمل للعراقيين في تحسين مستوى معيشتهم، والشكوى من قيام بعض الجماعات والأجهزة المعروفة بأعمال مشبوهة تستهدف زعزعة أمن واستقرار العراق بشكل واضح ومباشر وذلك عن طريق تشكيل تنظيمات تخريبية مهمتها العمل على بث الفرقة بين مختلف الطوائف العراقية.

-مطالبة الجامعة العربية بأن تتولى التوسط مع الدول المعنية من أجل إسقاط الديون الخارجية المفروضة على العراق، فلا يجوز أن يبقى الجانب العربي دولا وجامعة غائبا عن الجهد الدولي والأميركي في هذا الشأن، كما أنه يتوجب على الدول العربية الدائنة للعراق أن تعيد النظر في تلك المديونية إذا كانت ترغب حقا في تطبيق ما تقوله حول مساعدة الشعب العراقي، وكذلك الأمر بالنسبة للتعويضات المستحقة على العراق، والتي يتعين النظر في إلغائها بالكامل من قبل الدول العربية والصديقة، بعد أن سقط النظام الذي تسبب فيها.

ثالثا: اللقاءات مع الهيئات والمراجع الدينية

اللقاء مع المراجع الدينية الشيعية

قام الوفد بزيارة مدينة النجف حيث التقى بكل من السيد علي السيستاني وهو أعلى المراجع الدينية في الحوزة العلمية الشيعية في العراق، والزعيم الشيعي السيد مقتدى الصدر. كما أجرى الوفد لقاء مع السيد محمد تقي المدرسي المشرف على منظمة العمل الإسلامي بمقره في مدينة كربلاء. وكذلك قام الوفد بزيارة الشيخ فؤاد كاظم المقدادي رئيس مجمع الثقلين العلمي، وزيارة منزل السيد حسين الصدر في بغداد (اعتذر السيد الصدر عن استقبال الوفد بسبب المرض، وتم اللقاء مع أحد معاونيه الشيخ محمد الحمرا).

وفيما يلي عرض لخلاصة الأفكار والآراء التي استمع إليها الوفد من تلك المراجع الدينية:

-الترحيب بزيارة وفد الجامعة.. والتعبير عن مشاعر العتب لغياب الجامعة والدول العربية عن هموم الشعب العراقي وتجاهلها لما نزل به من ظلم وتنكيل واضطهاد على أيدي النظام السابق، والإعراب عن الأمل بأن تتمكن الجامعة العربية من تفعيل حضورها ودورها في الساحة العراقية لمساعدة الشعب العراقي وتوفير الدعم العربي اللازم له.

-التأكيد على عروبة العراق وعضويته في جامعة الدول العربية التي يفتخر العراقيون بانتمائهم إليها، وبكون العراق من الدول المؤسسة لها. وتأكيد الحرص على تنسيق وتعزيز الصلات مع الإخوة في جميع الدول العربية.

-اعتبار أن حالة الاحتلال التي يعيشها العراق اليوم هي من نتائج وإفرازات ما ارتكبه النظام السابق من أخطاء، والتأكيد أن الجميع يريد ويسعى إلى إنهاء هذا الاحتلال في أسرع وقت ممكن.

-اعتبار أن الاحتلال الأجنبي كان لا بد منه لإنقاذ الشعب العراقي.. والتعامل مع الاحتلال قائم على أساس أن بقاءه هو لفترة محدودة لحين استقرار الأمور، والتوضيح أن معاناة الشعب العراقي ليست بالأمر الجديد وإنما مضى عليها زمن طويل تعرض فيه العراقيون للنهب والسلب والقتل الجماعي والحرمان من أبسط الحقوق المدنية، وأن حالة جنوب العراق تشهد على ظلم النظام السابق حيث تسود مظاهر الحرمان والتخلف والفقر المدقع في القرى والمدن الجنوبية المحرومة من أبسط مظاهر الخدمات الإنسانية الأساسية.

-التأكيد على أن العراق يعيش اليوم ظرفا تاريخيا صعبا، وأن الدعم العربي مطلوب قبل الدعم الدولي، وأنه لا بد للعرب من احتضان الحالة الجديدة الناشئة في العراق بعد هذا التجاهل الطويل لقضاياه ومشاكله.

-اعتبار أن مجلس الحكم، وإن كان لا يمثل الشعب العراقي تمثيلاً عادلاً، إلا أن وجوده والتعامل معه هو من باب الضرورة التي فرضتها ظروف سقوط النظام وواقع الاحتلال، مع التأكيد على أهمية مواصلة التشاور والتعاون مع مجلس الحكم ومع بقية الأخوة من أهل السنة والأكراد من أجل جمع كلمة العراقيين وتوحيد الصفوف في مواجهة الأخطار المحدقة بالعراق.

-التأكيد على الإيمان بتعايش الطوائف والقوميات العراقية، ونبذ كل ما من شأنه أن يؤجج الصراعات بين الطوائف، والإصرار على ضرورة المحافظة على وحدة العراق أرضا وشعبا بكل فصائله وطوائفه وقومياته، ورفض أي نوع من أنواع التجزئة أو التقسيم لأن ذلك لن يكون من صالح العراق ولا من صالح الأمة العربية.

-التأكيد على أن الدستور العراقي لا بد وأن يكتب بأيد عراقية وليس بأيدي سلطات الاحتلال، وأن إقراره يجب أن يتم من قبل الشعب العراقي عبر الاستفتاء الحر والديمقراطي. كما أن الدستور العراقي ونظام الحكم موكول لإرادة الشعب العراقي ولما يقرره الشعب بجميع شرائحه من المسلمين وغير المسلمين.. فالمطلوب ولادة سليمة للعراق على أسس واضحة تعيد أجواء الديمقراطية والحرية للأحزاب وتحفظ حقوق الأفراد لجميع الطوائف والقوميات العراقية.

-التركيز على أن الانتخابات هي المعيار الأساسي للديمقراطية، وهي أساس التمثيل في الحكم، وبالتالي فإن أي ترتيبات مؤقتة أو دائمة لمستقبل العراق السياسي لا بد وأن تنبثق من إرادة الشعب عبر مفهوم الانتخابات الديمقراطية المتعارف عليه، وهو أن لكل رأس رأيا وصوتا في تقرير مستقبل البلاد، وأنه لا يحق لأحد أن يستبق الأمور ويفرض الوقائع والأحداث على إرادة الشعب العراقي، وإذا كانت الظروف الحالية لا تسمح بإجراء الانتخابات -كما يقول البعض- فإن المطلوب أن تشهد الأمم المتحدة بذلك، وأن ترسل خبراءها ليقولوا رأيهم ويقترحون البديل الممكن والأقرب إلى التمثيل الديمقراطي كما يرونه وكما هو متعارف عليه، ودعوة جامعة الدول العربية أن تساعد في هذا الأمر.

-التأكيد على أنه لا بد من احترام الدين الإسلامي في الدستور العراقي الجديد مهما كان شكل نظام الحكم، مع تبني رؤية حضارية للإسلام، وأنه لا يوجد خوف على العراق لأن القيم الإسلامية محفوظة بالإرادة الحرة للشعب العراقي.

-اعتبار أن العمليات العسكرية والتفجيرات الإرهابية التي تقوم بها بعض الجهات المتشددة المدعومة من قوى خارجية لا تخدم مصلحة الشعب العراقي، وتلحق الأذى بعملية إعادة الاستقرار التي لا بد من توفرها حتى يتم التخلص من الاحتلال بسرعة.

-مناشدة دول الجوار التدخل من أجل وقف تسلل الإرهابيين ومنع عمليات تهريب الأسلحة والمتفجرات عبر الحدود إلى العراق.

-التأكيد على أن من مصلحة الجميع أن لا يكون العراق بؤرة توتر جديدة في المنطقة خاصة وأن تداعيات حالة عدم الاستقرار الأمني في العراق سوف تنتقل إلى جميع الدول المجاورة.

-توجيه اللوم إلى بعض الفضائيات العربية التي تدق على إسفين الصراع الطائفي وتزرع بذور الفتنة، فالمطلوب من الإعلام العربي أن يكون أداة تنبيه لمخاطر الفتنة ووسيلة لترويج العناصر والقواسم المشتركة التي تجمع أبناء الشعب العراقي.

-مناشدة الجامعة والدول العربية أن تولي قضية العراق طليعة اهتماماتها لمساعدة الشعب العراقي على إنهاء الاحتلال وتأسيس عراق جديد مبني على حكم القانون المستمد قوته وشرعيته من الإرادة الحرة للشعب العراقي الذي عانى طوال الأربعة عقود الماضية من ظلم النظام السابق والذي لا يريد المزيد من الخراب والدمار.

اللقاء مع هيئة علماء المسلمين

قام الوفد بزيارة مقر هيئة علماء المسلمين في بغداد حيث عقد لقاء مع مجموعة من أعضاء الهيئة بحضور أمينها العام الدكتور محمد الكبيسي والدكتور عبد الله الحديثي.

وفيما يلي عرض لأبرز ما طرح في هذا اللقاء من آراء ومواقف:

-الترحيب بزيارة وفد الجامعة، والتعبير عن مشاعر القلق البالغ على مستقبل العراق، والتعويل على دور الجامعة والدول العربية في إنقاذ العراق.

-التأكيد أن الهيئة لا تعترف ولا تقر بالتقسيم الطائفي أو العرقي للعراق، وتبذل جهودها من أجل المحافظة على هوية العراق العربية والإسلامية، وصيانة وحدته أرضا وشعبا على أساس المواطنة العراقية.

-عدم اعتراف الهيئة بشرعية مجلس الحكم في إدارة أمور العراق لكونه قد تشكل بقرار من سلطة الاحتلال على أساس طائفي وعرقي، كما أن تركيبته قد تعمدت تهميش وإقصاء مجموعات كبيرة من ممثلي التيار الإسلامي الذين تحملوا وعانوا الكثير إبان فترة حكم النظام السابق.

-التأكيد على أن الترتيبات التي وضعها مجلس الحكم وسلطات الاحتلال مؤخرا لنقل السلطة إلى العراقيين ما هي إلا عملية خداع للرأي العام العربي والدولي، وغطاء لإضفاء الشرعية على الاحتلال الأميركي للعراق.

-التشديد على أن العراق يعيش اليوم مخاطر التجزئة والاقتتال الطائفي والعرقي، وأن أهل السنة العرب يعانون معاناة قاسية من انتهاكات قوات الاحتلال والجماعات الموالية لهم، وأن حالهم هو مثل حال الفلسطينيين حيث تتعرض مساجدهم للانتهاكات، وتدمر منازلهم بالدبابات، وترتكب بحقهم عمليات الاعتقال التعسفي، مع الإشارة إلى أن عدد المعتقلين منهم قد بلغ أكثر من عشرة آلاف شخص.

-التحذير من المخاطر الجسيمة التي تنذر بمستقبل مظلم للعراق، ومن أن هناك من يسعى إلى إشعال نار الفتنة ودفع الجميع إلى حرب طائفية وعرقية بشعة. وبحسب تقديراتهم، فإن أعمال الاعتداءات على المساجد وعمليات الاغتيال والتصفيات تجري على قدم وساق، حيث تم تصفية أكثر من 160 شخصا من العرب السنة، كما أن محاولات تقسيم العراق جارية على قدم وساق.. فالأكراد يسعون علنا إلى السيطرة على مدينة كركوك وعلى الأقضية المحيطة بمدينة الموصل، وقد دخل أكثر من مائتي ألف كردي إلى مدينة كركوك في محاولة للسيطرة عليها.. كما أن هناك حوالي مليون ونصف المليون من الإيرانيين قد دخلوا إلى جنوب العراق.. والأجهزة الإيرانية تعمل بحرية في مناطق الجنوب وفي مدينة البصرة.

-التعبير عن الرفض المطلق لاقتراح إجراء الانتخابات على أساس البطاقة التموينية، وعن رفض الآلية المقترحة من قبل مجلس الحكم لتشكيل المجلس الوطني الانتقالي بالاختيار، لكون تلك الآلية سوف تفضي إلى اختيار المناصرين لمجلس الحكم وأعوانهم من القوى الأخرى المتحالفة مع الاحتلال الأميركي.

-مناشدة الجامعة والدول العربية التحرك السريع من أجل استعادة سيادة العراق، وإلزام قوات الاحتلال بالانسحاب وفق جدول زمني محدد وفي أسرع وقت ممكن، وكذلك المساعدة في العملية السياسية لإعادة الوحدة والسيادة إلى العراق، واتخاذ ما يلزم من خطوات من أجل المحافظة على وحدة العراق أرضا وشعبا.

-مطالبة الجامعة والدول العربية أن ترسل فورا بعثة إلى العراق من أجل تقصي الحقائق حول ما يجري من انتهاكات وتهجير وتصفيات ضد العرب السنة، وكذلك بمشاركة في الإشراف على عملية الانتخابات وإجراء التعداد السكاني اللازم تحضيرا لتلك الانتخابات.

رابعا: زيارة إقليم كردستان العراق

زار الوفد إقليم كردستان العراق وذلك للقاء المسؤولين فيه ولمد جسور الحوار والتواصل بين جامعة الدول العربية وهذا الإقليم الهام والحيوي من العراق.

بدأ الوفد جولته في إقليم كردستان يوم 25/12/2003 بزيارة مدينة السليمانية عاصمة الحكومة الإقليمية للاتحاد الوطني الكردستاني، حيث عقد لقاء مع السيد برهم صالح رئيس الحكومة بحضور السيد عثمان حاجي محمود والسيد جمال المفتي وعدد آخر من أعضاء الحكومة، وفي مساء اليوم نفسه أقام السيد صالح حفل استقبال على شرف الوفد حضره عدد من الوزراء والمثقفين ورجال الأعمال والصحافة وممثلي الأحزاب الكردية.

وفي اليوم التالي قام الوفد بجولة في مدينة السليمانية وبزيارة لمدينة حلبجة حيث كان بانتظاره حشد كبير من المسؤولين وأبناء المدينة، وقام الوفد بزيارة النصب التذكاري لضحايا مجزرة حلبجة التي وقعت عام 1988 وذهب ضحيتها حوالي 5 آلاف شخص من سكان المدينة، وبعدها انتقل الوفد إلى مدينة السليمانية مجددا حيث عقد لقاء مع السيد جلال طالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بحضور عدد من المسؤولين بالحزب، كما أقام السيد طالباني غداء تكريميا لوفد الجامعة.

غادر الوفد مدينة السليمانية يوم 26/12/2003 متوجها إلى مدينة صلاح الدين مقر إقامة الزعيم الكردي مسعود برزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، وتوقف الوفد في طريقه إلى مدينة صلاح الدين في منطقة جمجمال حيث زار "مجمع شورش" الذي يسكنه الآلاف من أبناء وعائلات ضحايا "حروب الأنفال" التي شنها النظام العراقي السابق ضد الأكراد، والتي ذهب ضحيتها حوالي 182 ألف كردي مازال أغلبهم مجهول المصير، والتي أدت أيضا إلى تدمير ما يقارب من 5 آلاف قرية كردية في شمال العراق.

عقد الوفد فور وصوله إلى مدينة صلاح الدين لقاء مع أعضاء المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني ضم السيد محسن ديزه ئي والسيد أزاد بروالي والسيد شفيق قزار وعدد من المسؤولين. وفي صباح اليوم التالي 27/12/2003 قام الوفد بلقاء مجموعة من ممثلي الأحزاب الكردية والتركمانية المتواجدة في كردستان وذلك في مقر الحزب الديمقراطي الكردستاني، كما التقى الوفد بمجموعة من أبناء وعائلات ضحايا "حروب الأنفال"، ثم عقد لقاء مع السيد مسعود برزاني في مقر إقامته.

واختتم الوفد زيارته لمنطقة كردستان بزيارة مدينة أربيل حيث عقد لقاء موسعا مع مجموعة من البرلمانيين في مبنى البرلمان الكردي، ولقاء آخر ضم مجموعة من ممثلي الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني والمثقفين والصحفيين والأكراد.

استقبل الوفد بحفاوة وترحاب بالغين من جانب جميع المسؤولين والشخصيات الكردية، وأبدى الجميع ترحيبه بزيارة وفد الجامعة العربية للمنطقة الكردية باعتبارها زيارة تاريخية، وأعربوا عن تمنياتهم بأن تكون هذه الزيارة مقدمة لفتح صفحة جديدة في أسلوب التعامل العربي الرسمي مع القضية القومية الكردية التي لم تحظ بالاهتمام الذي تستحقه طوال العقود الأربعة الماضية.

 وفيما يلي عرض لأبرز الآراء والأفكار التي استمع إليها الوفد من المسؤولين والشخصيات الكردية والتي تتقارب إلى حد بعيد في أطروحاتها بشأن القضية الكردية ومستقبل العراق السياسي:

-إن القومية الكردية هي قومية ذات جذور تاريخية أصيلة، وإنه ينبغي الاعتراف بها وبخصوصيتها ولا يجوز الخلط بينها وبين القومية العربية، مع التأكيد على علاقات الأخوة والمصالح المشتركة التي تربط بين أبناء القوميتين العربية والكردية والتي تفرض التكاتف من أجل بناء العراق الديمقراطي الجديد، ومنع تكرار ما حدث من مآس دفع ثمنها العراقيون بمختلف انتماءاتهم، فالأكراد في نهاية الأمر هم جزء من النسيج السياسي والتاريخي للعراق والمنطقة، وقدرهم ومصلحتهم هي في بناء الأسس السليمة للعيش المشترك بين الأكراد والعرب.

-إن الدولة العراقية الحديثة، ومنذ قيامها في العشرينات من القرن الماضي لم تستطع أن تنجح في تلبية طموحات أبناء القومية الكردية من العراقيين، حيث فشلت في أن تقدم للأكراد الحقوق والواجبات المتساوية، مما أدى إلى خضوع الأكراد للظلم والاضطهاد من جميع الحكومات المركزية العراقية المتوالية.

-إن النظام العراقي السابق قد ذهب بعيدا في تعميق المشكلة الكردية، وقد تركت سنوات الاضطهاد وحملات التطهير العرقي ضد الأكراد آثاراً بالغة في مشاعر الشعب الكردي، ولذلك فإن حجم المشاكل المتراكمة كبير والمطلوب مساحة واسعة من الحوار والتفكير والعمل الجاد لتبني طروحات جديدة، من أجل النجاح في تجربة بناء الدولة الديمقراطية العراقية الجديدة، مع ضرورة التعلم من أخطاء الماضي للحيلولة دون وقوعها في المستقبل.

-إن هناك إدراكا واضحا لدى معظم السياسيين في الإقليم بأن مستقبلهم السياسي لا يكمن في الانفصال عن العراق حتى وإن كانت هناك أصوات كردية تنادي بالانفصال، نظرا لوجود عوامل إقليمية ودولية تحول دون ذلك. وفي المقابل، فإن الأغلبية الساحقة من الأكراد العراقيين تدرك أن مستقبلهم هو في إقامة الدولة العراقية الفدرالية الديمقراطية المبنية على أساس الاتحاد الاختياري بين القوميتين الكردية والعربية.

-إن الفدرالية التي يتطلع إليها الأكراد العراقيون تقوم على أساس سياسي عرقي جغرافي واضح يمنح بموجبها الإقليم الكردي بحدوده التي يتم الاتفاق عليها صلاحيات كبيرة على النحو المبين في مشروع الدستور الذي قدمه الحزبان الكرديان الرئيسيان إلى مجلس الحكم.

-إن خيار الفدرالية الإدارية التي يطرحها البعض كحل للمشكلة الكردية مرفوض من قبل جميع الأكراد، لأنها تشكل تراجعا عن المكتسبات التي حققها الشعب الكردي خلال السنوات الاثنتي عشرة الماضية، بالإضافة إلى كونها تشكل أيضا تراجعا عن الحقوق التي منحت للأكراد في السابق بموجب اتفاق الحكم الذاتي الذي وقّعه الأكراد مع الحكومة المركزية في بغداد عام 1970.

-إن الأكراد يعيشون اليوم حالة من الاستقلال وذلك منذ عام 1991، وقد تمكّنوا في ظلها أن يبنوا مؤسسات ديمقراطية وأجهزة تنفيذية تستجيب لمطالب المجتمع الكردي، وإن تخلي الأكراد عن هذه الحالة الاستقلالية لا يمكن أن يتمّ إلا إذا ضمنوا مستقبلهم السياسي والقومي في إطار نظام فدرالي ديمقراطي جديد يتعايش فيه الأكراد والعرب مع القوميات الأخرى المكوّنة للمجتمع العراقي في بوتقة واحدة.

-التحذير من مغبة الخلط بين الدين والسياسة في تقرير مستقبل العراق، ولذلك يجب وضع حد لتدخل المراجع الدينية في العملية السياسية الجارية في العراق، وهذه المشكلة ليست محصورة بتدخل المراجع الشيعية، وإنما هي موجودة أيضا لدى السنة.

-إن الحدود الحالية لإقليم كردستان لا تتفق مع الحدود التاريخية لهذا الإقليم، وهناك العديد من المدن والمناطق هي محل نزاع وذلك بسبب ما ارتكبه النظام السابق من حملات تطهير عرقي وتهجير ضد الأكراد ذهب ضحيتها أكثر من مليون كردي. والوثائق التاريخية تثبت أن مدينة كركوك وأقضية ومناطق مختلفة من محافظة ديالى والموصل هي مناطق كردية، ولذلك لا بد اليوم من التفكير لإيجاد آليات مناسبة تساعد على التوصل إلى حلول للمشاكل المتراكمة الكبيرة التي خلفها النظام السابق، والتي تحفظ للأكراد حق استرجاع ممتلكاتهم والعودة إلى أراضيهم الأصلية، وتعويضهم على ما فقدوه من أراض وعقارات، وكذلك تعالج في الوقت نفسه مشكلة السكان العرب الذين استوطنوا في هذه المناطق خلال حملات التعريب التي تعرضت لها المناطق الكردية.

-إن أي استفتاء شعبي يمكن تنظيمه بشأن مستقبل المنطقة الكردية وعلاقاتها بالدولة العراقية لا ينبغي أن يشمل جميع العراقيين وإنما أن يقتصر على الأبناء الأصليين للإقليم. وإن رفض تيار الفدرالية الذي يطرحه الأكراد العراقيون سوف يفرض عليهم النظر في الخيارات الأخرى لتقرير مصيرهم.

-نفى المسؤولون في إقليم كردستان العراق أي تواجد لإسرائيل في منطقتهم وأكدوا على عدم صحة الادعاءات التي تقول إن هناك شركات إسرائيلية تقوم بشراء الأراضي في الموصل وكركوك.

-إن الجامعة العربية مدعوة إلى تبني الحقوق الكردية والدفاع عنها وذلك من خلال تشجيع قنوات الحوار بين العرب والأكراد، فما يريده الأكراد هو التعايش مع إخوتهم العرب في عراق ديمقراطي فدرالي يحترم الهوية الإسلامية والتعددية القومية والطائفية للمجتمع العراقي.

-مطالبة الجامعة العربية بأن تتفهم الطرح الكردي وإبلاغه إلى كل الذين يشككون في مقاصد الأكراد العراقيين وتأييده باعتباره السبيل الوحيد نحو إقامة عراق موحد ديمقراطي تعددي يحترم حقوق الإنسان، وفي هذا السياق فإن فتح قنوات الحوار والتواصل الثقافي والمساعدة في إعادة إعمار العراق وحل مشكلة الديوان والتعويضات وغيرها من الخطوات يمكن أن يكون لها تأثير بالغ لمحو آثار الماضي.

خامسا: زيارات أخرى (المتحف العراقي، جامعة بغداد، مستشفى الإسكان، مدرسة القدس، جمعية السجناء السياسيين)

المتحف العراقي

قام الوفد بزيارة المتحف العراقي في بغداد وكان في استقباله السيد دوني جورج مدير عام متاحف العراق، والسيدات والسادة المسؤولون بالمتحف، حيث اطلع الوفد على حجم الخراب والدمار الذي تعرضت له مقتنيات المتحف، كما استمع إلى الملاحظات والاقتراحات التي أبداها السادة المسؤولون والتي تتلخص في النقاط التالية:

-الغياب العربي شبه الكامل عن المساهمة في معالجة الكارثة التي تعرض لها المتحف العراقي، وغياب أي حضور عربي على أرض الواقع، إذ لم يقم بزيارة المتحف والآثار العراقية أي مسؤول عربي، في حين أن منظمات وهيئات وشخصيات دولية كثيرة قامت بزيارة المتحف وقدمت المساعدات وأعدت الملاحظات والتقارير اللازمة وكانت لها مساهماتها الإيجابية والداعمة.

-كانت الاعتداءات والسرقات التي تعرض لها المتحف العراقي منظمة ومخطط لها مسبقا، إذ كان اللصوص يقصدون سرقة مقتنيات معينة ويعرفون أصول هذه المقتنيات وكانت تتوفر لديهم الخبرات اللازمة لمعرفة ما ذا يريدون.

-عند حدوث الفوضى العارمة والهجوم على المتحف من قبل الغوغاء والقيام بعمليات النهب والتكسير قامت مجموعة من المواطنين بنقل بعض المقتنيات إلى منازلهم للحفاظ عليها وإعادتها بعد استتباب الأمن.

-قدرت المسروقات بحوالي 14 ألف قطعة من التراث العراقي، تم استرجاع 4 آلاف منها.

-مناشدة كافة دول الجوار اتخاذ الإجراءات اللازمة لضبط القطع التي تم تهريبها عن طريق هذه الدول والعمل على إعادتها إلى السلطات العراقية المختصة. وسجل المسؤولون العراقيون في هذا الصدد تعاون الجهات الأردنية في ضبط وإعادة حوالي 500 قطعة إلى المتحف العراقي.

-لاحظ المسؤولون عدم التعاون والتنسيق معهم من قبل الجهات العربية المعنية وخاصة جمعية الآثاريين العرب الذين يعقدون اجتماعات ومؤتمرات لمناقشة موضوع الآثار العراقية، ويتجاهلون دعوة المسؤولين العراقيين لحضور هذه الأنشطة. وطالبوا بأن تتدخل الجامعة لدى الأجهزة والهيئات والدول العربية لتقديم المساعدات اللازمة بالتنسيق مع الجهات العراقية المعنية.

 جامعة بغداد
قام الوفد بزيارة لجامعة بغداد، حيث عقد لقاء موسعا مع رئيس الجامعة وعمداء الكليات والأساتذة، واطلع الوفد على أوضاع الجامعة وما عانته من صعوبات قبل وإبان فترة الاحتلال، كما استمع الوفد إلى آراء وملاحظات السادة عمداء الكليات والأساتذة والتي تتلخص بالآتي:

-إنه وبالرغم من الظروف الصعبة فقد أمكن إتمام العام الدراسي الماضي وإجراء الامتحانات، وكذلك فقد تم ولأول مرة إجراء انتخابات حرة ونزيهة داخل الجامعة لاختيار رئيس الجامعة وعمداء كلياتها.

-التعبير عن مشاعر الألم والعتب لظاهرة التجاهل العربي لما جرى ويجري في العراق من أحداث سوف يكون لها تأثير كبير على المستقبل السياسي للعراق والمنطقة.

-الشكوى من التقصير العربي في توفير الدعم للجامعات العراقية التي تتلقى الدعم والمساعدات حاليا من مختلف الجامعات الأجنبية، مع الإشارة إلى تجاهل اتحاد الجامعات العربية لجامعة بغداد والجامعات العراقية الأخرى وعدم دعوتهم للاجتماعات التي تعقد في إطار الاتحاد، وذلك بحجة وجود الاحتلال الأجنبي.

-الشكوى من ما تنقله الفضائيات العربية عن العراق من صور سلبية تسهم في تغذية بذور الفتنة الطائفية.

-التأكيد على عدم صحة ما يشاع من أقاويل حول تغيير البرامج التعليمية في العراق، مع الإشارة إلى أن ما جرى حذفه من البرامج التعليمية يتعلق فقط بالمواد التي كانت تمجد عهد النظام السابق.

-مطالبة الجامعة والدول العربية بأن تلعب دورا نشيطا في إعادة ترتيب البيت العراقي، مع التأكيد على ضرورة الحضور العربي في هذه المرحلة الانتقالية التي يعيشها العراق والتي تتطلب من جميع العرب توفير الدعم والمساندة لجهود تحقيق الاستقرار الأمني والسياسي والمساعدة في عملية إعادة إعمار العراق.

المستشفيات
تعرض القطاع الصحي في العراق إلى انتكاسة كبيرة على مدى سنوات الحصار، وتفاقمت هذه الأزمة بصورة كبيرة بعد الحرب واحتلال العراق إذ تعرض العديد من المستشفيات إلى التخريب وعمليات التدمير والسرقة، ولحقت الأضرار بالمباني والتجهيزات والأدوات وبالكادر البشري أيضا.

وقد أفاد المشرفون على مستشفى الإسكان للأطفال الذي قام بزيارته وفد الجامعة بأن الوضع الصحي قد تحسن قليلا عما كان خلال الأشهر الماضية، وكان للمستشفيات المدنية والخدمات الطبية التي قدمتها بصفة خاصة كل من الأردن والبحرين ودولة الإمارات والسعودية وسوريا وقطر، أثر جيد في تحسن الوضع الصحي، إلا أن المشاهدات والمناقشات التي أجراها الوفد مع الأطباء في المستشفيات العراقية ومع المترددين على هذه المستشفيات والمرضى وذويهم، تؤكد على الحاجة الماسة إلى ضرورة مواصلة تقديم الدعم والمساعدة إلى القطاع الصحي في العراق، وتوفير الوسائل اللازمة لتحديث المستشفيات والمصحات وترميم بنيتها وتجهيزها بالمعدات والأدوية اللازمة، كما أن تقديم العون والمساندة للكادر البشري ضروري وهام. 

ومن ناحية أخرى يجب التأكيد على دعوة المنظمات الإنسانية لتقديم المساعدات التي وعدت بها إلى القطاع الصحي بالعراق.

المدارس
اطلع الوفد من خلال زيارة ميدانية على أوضاع المدارس الرسمية لإحدى المدارس الرسمية العراقية (مدرسة الفرس) التي تحتاج إلى كل أنواع المساعدة، إذ إن الكثير منها يفتقر إلى البنية الصالحة والأدوات والتجهيزات المدرسية الضرورية لتمكين الطلبة من تلقي دروسهم وتمكين الأساتذة من القيام بواجبهم.

 فقد لاحظ الوفد أن الأبنية الخاصة بالمدارس في حالة متردية وتفتقر العديد منها إلى الملاعب والفسحات والمنشآت اللازمة التي تعتبر الحد الأدنى الضروري للعملية التعليمية في أي مدرسة. كما لاحظ أن التجهيزات والمفروشات المتوفرة في هذه المدارس لا تفي بالغرض بأي شكل من الأشكال، وتفتقر إلى كل الوسائل التربوية الحديثة التي أصبحت لازمة لكل مؤسسة تعليمية كالبرامج والمناهج ووسائل الإيضاح وأجهزة الكمبيوتر وما إلى ذلك.

ويسجل الوفد احترامه وتقديره للتضحية الكبيرة التي يقوم بها الكادر التعليمي في العراق، فهو كغيره من الكوادر العراقية الأخرى يصر على أن يقوم بواجبه نحو تعليم الطلبة وتوفير الفرصة للتلاميذ لتلقي دروسهم في أسوأ الظروف وأصعبها، مستشعرين بذلك واجبهم الوطني نحو أبناء العراق ونحو بلدهم.

اللقاء مع المسؤولين في جمعية السجناء السياسيين

زار الوفد مقر جمعية السجناء السياسيين، والتقى مع رئيس الجمعية والمسؤولين فيها، والتي تشكلت للتحقيق والبحث عن السجناء والموقوفين السياسيين الأحياء، والبحث عن المقابر الجماعية والحصول على الوثائق والملفات الأمنية الخاصة بهذه الموضوعات التي تثبت مصير العديد من السجناء والضحايا.

وقد تمكنت هذه الجمعية من الاستيلاء على عدد كبير من الملفات والوثائق الأمنية التي تعود إلى الأجهزة العراقية الأمنية. كما قامت بالبحث في 11 سجنا، والكشف عن عدد كبير من المقابر الجماعية.

ويتركز نشاط الجمعية في حصر المعلومات التي لديها عن السجناء والضحايا، وزودت الأهالي بالمعلومات اللازمة عن ذويهم، وهي تستقبل يوميا العشرات من الحالات التي تبحث عن مفقودين لديها سواء كانوا سجناء أو تم إعدامهم، وتطلع هؤلاء على المعلومات المتوفرة لديها.

وقد اطلع الوفد على العديد من الأدلة التي حصلت عليها هذه الجمعية والتي تثبت وفاة المسجونين وكيفية إعدامهم وأماكن دفنهم، كما شاهدت بعض الأدلة التي وجدت مع الرفات في المقابر الجماعية.

سادسا: الملاحظات والاستنتاجات

-كان واضحا خلال الزيارة بكافة مراحلها أن الشعب العراقي يعيش مرحلة استثنائية في تاريخه الحديث، بعد انهيار السلطة المركزية إثر زوال نظام الحكم السابق الذي عانى منه العراقيون لعدة عقود، واضطراره من جانب آخر للتعايش مع تواجد عسكري أجنبي في البلاد صنَّفه مجلس الأمن الدولي في القرار 1483 على أنه حالة احتلال. وكان جليا كذلك أن العراق يعاني جراء تراكمات الأعوام السابقة من حروب وعقوبات دولية وسوء إدارة حالة تشبه الانهيار العام في البنى الاقتصادية والإدارية الأساسية وتدهور الوضع الأمني بشكل حاد في بعض المناطق وحالة أخرى من التوتر لدى قطاعات واسعة من أبناء الشعب العراقي بغض النظر عن انتمائها الطائفي أو العرقي أو توجهها السياسي حول مستقبل الدولة العراقية بشكل أساسي.

غير أن ما تقدم لا ينفي أن الوفد لمس خلال جميع لقاءاته ومشاهداته قدرا كبيرا من الحرص من جانب جميع العراقيين على تلاحم نسيجهم الوطني وترابط لحمتهم رغم ما يحدث من آن لآخر من أحداث قد تستهدف ضرب ذلك الترابط، وهو ما يسعى العراقيون بوعي بالغ لتجنبه.

-لعل التنوع الكبير في النقاط التي عرضها الوفد في تقرير لقاءاته يُدلل على حجم الاختلاف والتباين فيما يتعلق برؤى العراقيين وطروحاتهم بالنسبة لمستقبلهم السياسي وواقعهم المعيشي؛ وهو يثبت أن مستقبل العراق والعراقيين ينبغي أن تتم صياغته تحت مظلة حوار عراقي شامل إذا كان للعراق أن يستعيد عافيته السياسية والاقتصادية في القريب وأن يعود عضوا نشطا فاعلا في المنطقة والمجتمع الدولي.

-لاحظ الوفد بقلق وأسف حالة المرارة والتوتر التي خلقتها وتخلفها ممارسات قوات الاحتلال سواء من حيث عمليات المداهمة والاعتقال وأساليبها، أو الاعتقال غير المبرر المفتوح المدة، وأسلوب تعامل بعض تلك القوات مع طوائف وفئات واسعة من العراقيين بشكل لا يتفق مع الأحكام القانونية الدولية ذات الصلة أو مع مواثيق حقوق الإنسان بشكل عام. ولعل تغيير هذه الممارسات إلى الأفضل وتخفيفها بشكل واضح وملموس من شأنه التأثير إيجابيا على تخفيف حدة التوتر الذي تستشعره قطاعات واسعة من العراقيين الذين يخضعون لتلك الممارسات.

-ولعل الحديث عن ممارسات قوات الاحتلال يدفعنا إلى الإشارة إلى وجود إجماع عراقي واضح يسانده موقف عربي واضح على ضرورة إنهاء الاحتلال الأجنبي للعراق في أقرب فرصة ممكنة واستعادة العراقيين للسيادة الكاملة على أرضهم ومصيرهم ومواردهم، حتى وإن كانت هناك رؤى مختلفة للآلية التي يمكن من خلالها إنهاء هذا الاحتلال، وهو الأمر الذي يتعين على الجانب العربي المساعدة فيه قدر الإمكان.

-من الواضح أن الوضع الذي خلقته الحرب وانهيار النظام العراقي السابق كان وسيظل له آثاره على دول الجوار بشكل عام سواء من النواحي الأمنية أو السياسية أو الاقتصادية أو غير ذلك. ولعل الملاحظات التي تلقاها الوفد في هذا الشأن وعلاقته باستقرار العراق وأمنه وتنميته تعكس تطلعا من جانب العراقيين جميعا لتلمس وتلقي قدر أكبر من تعاون جميع دول الجوار بلا استثناء لمساعدة العراق في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخه.

-تجدر الإشارة إلى أن العتاب الموجه إلى الجامعة العربية والدول العربية بشكل عام حول موقفهم من الشأن العراقي ليس موحدا في دوافعه: فهناك من يلوم العرب على مساندتهم أو عدم تدخلهم لمنع النظام السابق من ارتكاب ما يُنسب إليه من ممارسات قمعية، وهناك من يلوم العرب لعدم قدرتهم على منع الحرب التي شنت على العراق في مارس/آذار 2003، وهناك من يلوم العرب لعدم استطاعتهم التدخل والتأثير في الممارسات الحالية التي يواجهها العراقيون من جانب قوات الاحتلال.

ولا شك أن حجم وطبيعة العتاب، الذي استمع إليه الوفد وتقبله بصدر رحب خلال اللقاءات التي أجراها، يعكس وجود توقعات كبيرة من جانب العراقيين إزاء العالم العربي بوجه عام، وهي توقعات قد تفوق القدرات الحقيقية للجامعة العربية وربما الدول العربية، فصورة عراق المستقبل سوف تكون مغايرة بالتأكيد للصورة التي ألِفَها المجتمع الدولي عن شكل العراق وتركيبته السياسية على مدى العقود الأربعة الماضية.

في هذا الإطار، من المهم أن نضع نصب أعيننا أن العراقيين يعوِّلون كثيرا على الجامعة وعلى الدور العربي في مساعدتهم خلال هذه المرحلة الانتقالية الصعبة، وذلك عبر تأكيد الحضور العربي في الساحة العراقية وعبر تنشيط وتعزيز قنوات الحوار والتعاون مع مجلس الحكم ومختلف الفئات المكوِّنة للمجتمع العراقي من أحزاب وتنظيمات سياسية ومراجع دينية وعشائر ومنظمات غير حكومية.. الخ من أجل مساعدتهم على توفير أفضل الظروف الملائمة لتأمين إنجاح عملية نقل السلطة واستعادة السيادة وإنهاء الاحتلال والبدء في عملية إعادة إعمار العراق. وبصورة عاجلة، فإن العراقيين يتطلعون أيضا إلى المساهمة العربية في مساعدتهم على حل المشاكل الإنسانية المتراكمة وخاصة في مجالات الصحة والتعليم وتوفير الخدمات الأساسية التي يمكن للإسهام العربي فيها أن يكون عبر قنوات مختلفة حكومية وغير حكومية.

-تلمَّس الوفد كذلك رغبة عراقية واسعة في اضطلاع كل من الأمم المتحدة والجامعة العربية بدور فاعل في مساعدة العراقيين خلال العملية السياسية الجارية والخاصة بنقل السلطة من الاحتلال إلى العراقيين وتشكيل حكومة عراقية وطنية والتعبير عن الإرادة الحرة للشعب العراقي.

-في إطار الحديث عن الخيارات السياسية المطروحة على الساحة العراقية، يبدو واضحا وجود اختلافات بشأن موضوع الفدرالية ومستقبل شكل الدولة العراقية تحديدا وإن كان الجميع يتفق على التمسك بالعراق الموحد في ظل أي صيغة نظام يقره الشعب العراقي. من هنا تأتي ضرورة تنشيط الجهود والاتصالات العربية مع كافة الأطراف العراقية المعنية بهدف تقريب وجهات النظر بالشكل الذي يساعد العراقيين على بناء مؤسسات دولتهم وصون وحدة وطنهم.

سابعا: المقترحات والتوصيات

-من الأهمية الاستفادة من الزخم الذي حققته زيارة وفد الجامعة العربية إلى العراق في إعادة التواصل بين الجامعة والعراق بشكل إيجابي ومنتظم وفعَّال، وهو ما يعني الاحتياج إلى المزيد من التواجد العربي بشكل مكثف على الساحة العراقية مع ضرورة وجود حد أدنى من تنسيق الجهد العربي المبذول سواء في المجال السياسي أو الاقتصادي أو غيره.

-ويتطلب ذلك التواصل المستمر النظر في الأخذ بأي من الاقتراحين التاليين أو كليهما:

– تعيين مبعوث خاص للأمين العام للعراق يكون مسؤولا عن تحقيق هذا التواصل بجميع القوى والآليات السياسية العراقية والأطراف الدولية المعنية إلى حين الانتهاء من العملية السياسية سواء فيما يخص صياغة دستور دائم جديد للعراق أو تشكيل حكومة عراقية وطنية واستقرار الأوضاع في العراق بشكل واضح. كما يكون المبعوث الخاص مسؤولا عن متابعة الجهود العربية في المجال السياسي وفي إعادة إعمار العراق وإحكام سُبل التنسيق في الجهود العربية.

– فتح مكتب للجامعة العربية في العراق لفترة مؤقتة للإسهام في دعم عمل الجامعة هناك من حيث التواصل السياسي ومتابعة الأوضاع على الساحة العراقية بشكل مباشر، وتأمين دور واضح للجامعة العربية في العملية السياسية بما يخدم مصلحة العراق.

 -من الأهمية بمكان أن يكون هناك جهد سياسي وإعلامي عربي، منسق إذا أمكن، لتجنب كل ما من شأنه تأجيج النعرات الطائفية والعرقية على الساحة العراقية والحفاظ على وحدة الصف العراقي في الفترة الحرجة الحالية حتى يمكن أن يقرر الشعب العراقي أمره بحرية وأن ينظر في خياراته السياسية ويُمارسها بعيدا عن مناخ التوتر الذي تخلقه وتُغذيه مثل تلك النعرات.

-من المهم أن تقوم الدول العربية والأطراف العربية المانحة بتكثيف دعمها للعراق بشكل خاص في مجالي الصحة والتعليم اللذين يتطلبان قدرا كبيرا من الدعم المادي والبشري.

-النظر في أن تفتح الدول العربية، وبشكل خاص تلك التي توجد لديها الإمكانية، أبوابها لعدد من المتدربين العراقيين في المجالات المختلفة لإدارة الدولة بالنظر إلى وجود كوادر جديدة تم تعيينها في مختلف الوزارات العراقية حديثا.

-إبداء دول الجوار قدرا أكبر من التعاون مع السلطات العراقية المعنية بمسألة استعادة القطع الأثرية العراقية المُهربة وتقديم العون للعراق من أجل استعادة تراثه المنهوب.

-قيام الدول العربية، التي تستضيف على أراضيها عددا من العراقيين الذين هجروا العراق في السنوات الماضية قسرا، بإبداء المرونة في التعامل مع المطلب العراقي بتأجيل إعادة هؤلاء المواطنين العراقيين إلى حين توفر الظروف والإمكانات المناسبة لعودتهم، وأن يتم ذلك بالتعاون والتنسيق مع الجهات العراقية المسؤولة.

برنامج عمل زيارة وفد جامعة الدول العربية إلى العراق (18/12)

-مغادرة القاهرة والوصول مساء إلى دمشق (19/12)

-مغادرة دمشق والوصول مساء إلى بغداد عن طريق البر.

اليوم الأول (20/12)

-لقاء في وزارة الخارجية مع القائم بأعمال الوزارة وعدد من كبار المسؤولين.

-لقاء مع وزير الداخلية.

-زيارة مستشفى الإسكان ببغداد.

-زيارة مدرسة القدس الابتدائية ببغداد.

-غداء عمل وزارة الخارجية.

-زيارة متحف بغداد.

-لقاء مع تجمع الأحزاب القومية.

-لقاء مع وفد من شيوخ عشائر محافظة ذي قار.

-لقاء مع رابطة الدفاع عن حقوق الشعب العراقي.

 اليوم الثاني (21/12)

-لقاء مع وزير المهجرين والمهاجرين.

-لقاء مع وزير حقوق الإنسان.

-لقاء في جامعة بغداد.

-غداء عمل وزير حقوق الإنسان.

-لقاء مع هيئة علماء المسلمين.

-لقاء مع الشيخ فؤاد كاظم المقدادي (رئيس مجمع الثقلين).

-زيارة إلى آية الله السيد حسين الصدر (مريض تم اللقاء مع وكيله).

-لقاء مع مجموعة من المثقفين والأكاديميين من مركز الدراسات الإستراتيجية وعدد من ممثلي الأحزاب والصحفيين في الفندق.

اليوم الثالث (22/12)

-زيارة إلى مدينة كربلاء:

لقاء مع آية الله السيد محمد تقي المدرسي بحضور عدد من معاونيه في مقر منظمة العمل الإسلامي.

-زيارة مدينة النجف:

زيارة العتبات المقدسة.

لقاء مع الزعيم الشيعي السيد مقتدى الصدر.

-زيارة مدينة الديوانية:

لقاء مع رؤساء عشائر وممثلي أحزاب ووجهاء المنطقة وغداء في ضيافة الشيخ حسين الشعلان.

لقاء مع مجموعة من ممثلي الأحزاب والصحفيين في الفندق.

اليوم الرابع (23/12)

-زيارة مدينة النجف:

لقاء مع آية الله السيد علي السيستاني.

زيارة العتبات المقدسة.

-زيارة مدينة الرمادي:

لقاء مع رؤساء العشائر وممثلي الأحزاب ووجهاء المنطقة بحضور رئيس وأعضاء من هيئة علماء المسلمين وغداء في ضيافة السيد مزهر الدليمي.

-زيارة مدينة الفلوجة:

لقاء مع شيوخ عشائر وممثلي أحزاب ووجهاء المنطقة.

لقاء مع مجموعات وممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية في الفندق.

لقاء مع وفد من القضاة المفصولين في الفندق.

اليوم الخامس (24/12)

-زيارة مقر جمعية السجناء الأحرار.

-زيارة مقر مجلس الحكم ولقاء مع رئيس المجلس وأعضائه.

-غداء عمل بمقر المجلس.

-لقاء مع نقابة السادة أشراف العراق في الفندق.

-لقاء مع الشريف علي بن الحسين رئيس حزب الملكية الدستورية.

-لقاءات مع مجموعات من ممثلي الأحزاب والتنظيمات السياسية والصحفيين في الفندق.

اليوم السادس (25/12)

-زيارة مدينة السليمانية:

غداء مع وزراء الحكومة المحلية.

جولة في المدينة.

لقاء رئيس حكومة الإقليم د. برهم صالح.

حفل استقبال أقامه د. برهم صالح.

اليوم السابع (26/12)

-زيارة قرية حلبجة:

زيارة نصب تذكاري لضحايا مجزرة حلبجة ولقاء مع أهالي ووجهاء القرية.

لقاء مع السيد جلال طالباني رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني في مقر إقامته في السليمانية.

-زيارة مجمع شورش (جمجمال) في الطريق إلى مدينة صلاح الدين.

-الوصول مساء إلى مدينة صلاح الدين:

اللقاء مع أعضاء المكتب السياسي للحزب الديمقراطي الكردستاني مع عشاء عمل.

اليوم الثامن (27/12)

-لقاء مع ممثلي الأحزاب السياسية في صلاح الدين.

-لقاء مع عائلات ضحايا "حروب الأنفال".

-لقاء مع السيد مسعود بارزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني في مقر إقامته في صلاح الدين.

-زيارة البرلمان الكردي في أربيل:

لقاء مع أعضاء من البرلمان.

غداء عمل في مقر البرلمان.

-لقاء مع ممثلي النقابات والاتحادات والمنظمات غير الحكومية العاملة في أربيل.

-لقاء مع وفد ممثلي أحزاب الموصل وكركوك في الفندق.

 اليوم التاسع (28/12)

-لقاء رؤساء البعثات الدبلوماسية العربية في بغداد.

-مؤتمر صحفي ومغادرة بغداد إلى البصرة.

-الوصول إلى مدينة البصرة مساء.

اليوم العاشر (29/12)

-جولة في مدينة البصرة.

-لقاء عام مع رؤساء عشائر ومثقفين ومهنيين وعلماء دين من أبناء مدينة البصرة والمناطق المحيطة بها.

-المغادرة إلى الكويت.

العودة إلى القاهرة يوم 30/12/2003.

المصدر : الجزيرة