الألماس.. زينة وثروة ووقود للحروب والصراعات

In this image provided by Sotheby’s shows a Fancy Vivid Blue pear-shaped diamond from the estate of Rachel "Bunny" Mellon which sold Thursday Nov. 20, 2014 for $32.6 million. It's an auction record for any blue diamond. It was sold to an anonymous Hong Kong collector. (AP Photo/Sotheby)
أحد أهم أنواع الأحجار الثمينة والنادرة، استخدم قديما في الزينة والمبادلات التجارية وفي التطبيب والعلاجات، ويستخدم اليوم زينة للنساء وموردا اقتصاديا هاما لعدد من دول العالم، وشكل خلال العقود الماضية وقودا للعديد من الحروب الأهلية المدمرة في القارة الأفريقية.

يعرف الألماس بقسوته وصلابته الفائقة، بل يعتبر من أقسى المواد الموجودة على سطح الكرة الأرضية، ولذلك فإن كلمة Diamond مشتقة من الكلمة اليونانية القديمة "أداماس" وتعني الصلابة والقسوة، وكانت كلمة ماس عند الإغريق تعني الأمان، ولأجل ذلك راجت قديما بعض الأساطير التي تضفي مسحة "سحرية" خارقة على الألماس وتجعله قادرا على قهر الأعداء ومواجهة الخصوم.

وكان استخراج الألماس يتم في الماضي بطرق سهلة وبسيطة عبر التنقيب في مخلفات البراكين المتكونة على سطح الأرض أو القريبة منها دون الحاجة إلى الحفر في أعماق التربة، ولكن تلك الطرق البدائية لا تتيح الحصول على الألماس بكميات كبيرة تصلح للمبادلات التجارية، ولذلك تطورت عمليات الاستخراج عبر وسائل الحفر في أعماق الأرض.

مكونات ومواصفات
الألماس عبارة عن مركبات كربونية تكونت بشكل بلوري كريستالي عبر آلاف السنين نتيجة تعرضها لعوامل الضغط والحرارة لفترات طويلة تصل إلى ملايين السنين في باطن الأرض، ومن صفاته التي تميزه الصلابة والقسوة وتشتيت الضوء، وبسبب تلك الخاصة الفريدة يستخدم في صناعة الحلي والمجوهرات التي ترتديها النساء.

ومع أنه استخدم من قديم الزمان عملة في المبادلات التجارية، فقد شهد تعاطي العالم معه تحولا كبيرا منذ نحو قرنين من الزمن حيث ازدادت شعبيته، ودخل بقوة في التجارة العالمية بحكم تطور صناعته (صقلا وتقطيعا وتحويلا) وتطور وتحسن طرق التجارة بين أجزاء الكرة الأرضية، ووفرة وسائل النقل وكثافة المبادلات التجارية بين الشمال والجنوب.

محددات السعر
يتحدد سعر الألماس عالميا بناء على أربعة عناصر عامة هي "النقاء، والوزن، والقطع، واللون". وكلما زاد نقاء حجر الألماس وقلت الشوائب المتسربة معه من باطن الأرض ارتفعت قيمته وارتفع ثمنه (رغم أن بعض هذه الشوائب قد تكون محمودة).

ويعتبر لون حجر الألماس من العناصر الأساسية في تحديد قيمته وتثبيت سعره، فاللون يلعب دورا هاما في خطف أنظار المشترين والمتسوقين، ويعتبر اللون الشفاف من أهم وأثمن ألوان الحجر الكريم، وتوجد ألوان أخرى كثيرة منها الأصفر والفضي والبني والأزرق وغيرها.

ويلعب الوزن دورا جوهريا هو الآخر في تحديد قيمه قطع الألماس، ويقاس الوزن بالقيراط، وكلما كبر حجم القطعة وزاد وزنها ارتفع سعرها. وتبقى عملية قطع الألماس من العناصر الهامة في تحديد أسعاره، وهنا تلعب مهارة الصائغ وقدرته على تقطيع أحجاره بطريقة فنية معبرة دورا هاما في تحديد قيمة القطعة.

خارطة الألماس
الألماس أحد أهم الأحجار الكريمة، ورغم أهميته ومكانته العالمية فهو نادر ومحدود، ولا يتوفر إلا في عدد محدود من الدول، وتتصدر أفريقيا قارات العالم في حجم الثروة التي تكتنزها طبقات أرضها الغنية بالثروات والمعادن.

ومن أهم الدول الأفريقية التي اشتهرت بثروتها من هذه المادة: الكونغو، ناميبيا، أنغولا، جنوب أفريقيا، بتسوانا. وتعتبر روسيا أكبر الدول إنتاجا للألماس، تليها بوتسوانا والكونغو وأنغولا وجنوب أفريقيا، ومن ضمن الدول التي تنتج كميات كبيرة من الألماس البرازيل وكندا وأستراليا.

ومع أن روسيا وبعض الدول الأفريقية وكندا والبرازيل من أهم الدول المنتجة للألماس عالميا فإن مدينة أنتويرب (شمال بلجيكا) حظيت منذ نحو خمسة قرون بمكانة هامة في عالم الألماس استحقت بموجبها لقب "العاصمة العالمية للألماس" اعتمادا على ما تحوزه من عناصر مهمة لهذه الصناعة المترفة من عمال مهرة إلى رجال أعمال ومستثمرين أثرياء وخبراء في المعادن الثمينة.

وقد تخصصت أنتويرب في البداية في نحت وصقل هذه الأحجار الكريمة، ثم تحولت إلى تجارة الحجارة الخام، حيث يمر 84% من الألماس الخام و50% من الألماس المصقول من العالم أجمع بتلك المدينة، وفي عام 2014 صدّرت من الألماس المصقول ما قيمته 58.8 مليار دولار، بينما يمثل الألماس 5% من إجمالي صادرات بلجيكا، و15% من صادراتها خارج الاتحاد الأوروبي، وفق مركز أنتويرب العالمي للألماس.

ولكن عرش أنتويرب بدأ يهتز مؤخرا وبدأت مكانتها تتراجع لصالح مراكز أخرى خصوصا في الصين. أما الهند التي أنشأت بورصة خاصة بالألماس بمدينة بومباي فتوصف اليوم بأنها أكبر مركز عالمي للتداول في الألماس المصقول، ولأجل ذلك باتت الهند تحتل المرتبة الأولى على قائمة مصدري الألماس المصقول بعد أن استطاعت تجاوز الصعوبات ومنافسة بقية المراكز العالمية الكبرى مثل أنتويرب البلجيكية وتل أبيب.

الألماس الدموي
وتنتشر على هامش عمليات استخراج وتوزيع الألماس تجارة الألماس لتمويل حروب وصراعات وانتهاكات تجري في أكثر من بلد. وأصبح يطلق مصطلح "الألماس الدموي" على ما تدره تجارة الألماس على بعض الأنظمة الدموية العنيفة في إسرائيل وزيمبابوي وغيرهما من عائدات تستغلها هذه الأنظمة -أو حتى بعض الحركات المسلحة الأفريقية- في توطيد أركانها والبطش بخصومها وأعدائها.

ويمثل الألماس مصدر دخل كبير للاحتلال الإسرائيلي، إذ تقدر عائدات صناعة الألماس بحوالي مليار دولار سنويا يستفيد منها الاحتلال في تمويل عملياته العسكرية ضد الفلسطينيين وتطوير صناعاته الحربية.

وتقترن عمليات استخراج الألماس والتنقيب عنه بعمالة الأطفال واستغلال القصر في ظروف إنسانية مزرية، وتنتشر تلك الظاهرة أكثر في بعض الدول الأفريقية المنتجة للألماس.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية