مكونات اقتصاد الصحراء الغربية

A picture taken on May 13, 2013 shows untreated phosphate being dropped off on a montain at the end of a conveyor belt at the Marca factory of the National Moroccan phosphates company (OCP/public), near Laayoune, the capial of Moroccan-controlled Western Sahara. As a global leader in the market for phosphate and its derivatives, OCP has been a key player in the international market since its founding in 1920, the worlds largest exporter of phosphate rock and phosphoric acid and one of the worlds largest fertilizer producers.
منطقة بوكراع في الصحراء الغربية تضم أكبر منجم منفرد للفوسفات في العالم (غيتي إيميجز)

تعتبر منطقة الصحراء الغربية غنية بمواردها المتنوعة رغم قساوة الطبيعة فيها، فهي تمتلك سواحل غنية بأنواع الأسماك، وثروة حيوانية قوامها الإبل، وأرضا تختزن معادن الفوسفات والنفط، وغطاءً نباتيا متنوعا. وللسياحة مكانة هامة في هذه المنطقة لما توفره من رمال ذهبية وشواطئ أطلسية، كما أن تجارة المنطقة -التي كانت تعتمد تاريخيا على القوافل- تطورت مع مرور الزمن إلى أن أصبحت أسواقا وموانئ.

وفي ما يلي استعراض لأهم المكونات الاقتصادية للصحراء الغربية:

1- الثروة الحيوانية
تتركز الثروة الحيوانية في المنطقتين الشمالية والوسطى من الصحراء، ففي المنطقة الشمالية (كليميم – السمارة) يصل عدد الماعز إلى 262 ألف رأس، تليها الأغنام بـ 600 ألف رأس، ثم الجمال 31 ألف رأس، في حين يوجد حوالي 7000 رأس من الأبقار.

أما المنطقة الوسطى (العيون – الساقية الحمراء) فيبلغ عدد الجمال 90093 رأس، أما الماعز فيبلغ تعدادها 258751 رأس تليها الأغنام 166802 رأس، أما الأبقار، فيبلغ عددها 1100 رأس، وهذه الثروة التقليدية تعد إحدى أهم الثروات التي توفر مصدر عيش للسكان الذين ألفوها منذ قرون عديدة رغم شح البيئة وجفافها المتفاقم.

ومما يزيد أهمية الثروة الحيوانية الاحتياجات المتزايدة في المنطقة للحوم والألبان، مع الانفجار الديمغرافي الذي تشهده مدن الصحراء بسبب ارتفاع نسب التحضر وزيادة الهجرة الوافدة من الشمال المغربي.

2- المعادن
أ- الفوسفات:
أدى اكتشاف أكبر منجم منفرد للفوسفات في العالم سنة 1947 في منطقة بوكراع (الواقعة على مسافة 100 كلم إلى الجنوب الشرقي من مدينة لعيون بالصحراء الغربية)، إلى احتدام الصراع على السيادة في الصحراء بين كل القوى ذات العلاقة بالمنطقة، بدءا بإسبانيا وانتهاء بموريتانيا.

وعلى الرغم من أن المصادر المغربية تقدر احتياطي منطقة بوكراع بحوالي ملياريْ طن فقط، فإن مصادر أخرى ترى أن هذا الاحتياطي يصل إلى 10 مليارات طن ويشكل 28.5% من الاحتياطي العالمي من الفوسفات، وتمتد مناجمه على مساحة تقدر بـ800 كلم مربع، وتتراوح نسبة نقاوته ما بين 72 و75%.

وتستغل الخامات في منطقة بوكراع حاليا من طرف شركة "فوس بوكراع" بمعدل سنوي يصل إلى أربعة ملايين طن. ويُنقل الخام إلى ميناء "المرسى" بمدينة لعيون حيث يوجد مصنع المعالجة، ويتعرض بعض الخام للمعالجة محليا ليُصدر إلى الولايات المتحدة وأوروبا وأستراليا. كما توجد خامات للفوسفات في مناطق أخرى لكنهت لم تستغل بعدُ.

ب- الملح:
تحتوي منطقة الصحراء الغربية على أكثر من عشر سبخات تشكل خزانات ضخمة للملح يتم استغلالها بالطرق التقليدية حتى الآن. وأهم هذه السبخات سبخة تزغا وأم بدعة وتزلاطن وتيسفورين.

وتقدر احتياطيات سبخة تزغا في طرفاية بحوالي 4.5 ملايين طن، وتستغل منذ 1991 عبر شركة "سوماسيل" المغربية. ويقدر إنتاج المنطقة من الملح بحوالي 20000 طن في السنة موفرة بذلك فرص عمل موسمية لحوالي 5000 عامل.

ج- معادن أخرى:
يدخل في أنشطة التعدين في الصحراء نشاط اقتلاع الرمال التي يتم تصديرها خصوصا إلى جزر لاس بالماس الإسبانية بمعدل إنتاج سنوي يصل إلى 80 ألف طن.

وقد أدت جهود التنقيب إلى اكتشاف خامات عديدة أخرى في المنطقة، مثل خامات النحاس والمنجنيز والحديد والرخام والزركون والتيتان، وتشكل جميعها أهم الموارد المعدنية المكتشفة في الصحراء بعد الفوسفات وإن لم يتم استغلالها بعدُ.

3- الصيد البحري
يبلغ طول السواحل الصحراوية على المحيط الأطلسي 600 كلم، وتوفر طاقة إنتاجية تقدر بحوالي مليون طن من الأسماك سنويا دون أن يؤثر ذلك في التوازن البيولوجي للثروة السمكية. وتتوزع هذه الثروة على 200 نوع من الأسماك و60 نوعا من الرخويات والعشرات من أنواع القشريات وراسيات الأرجل.

ويُعد مرور تيار "كناريا" البارد العامل الأول لغنى المنطقة بالأسماك، حيث يؤدي إلى تقليب المياه مما يتيح ارتفاع "البلانكتون" الموجود في القاع ليكون في متناول الأسماك التي تتغذى عليه. كما يجلب التيار معه نوعيات مهمة من أسماك المناطق الباردة.

ومن أهم مناطق الصيد البحري على السواحل الصحراوية، موانئ العيون وبوجدور والداخلة، حيث تضم العديد من التجهيزات المرتبطة بعمليات الصيد والمئات من وحدات معالجة وتصنيع وتبريد وتخزين المنتجات البحرية، وتستقبل المئات من سفن الصيد.

4- النفط والغاز
تشير بعض الدراسات إلى وجود مخزون هام من النفط والغاز في سواحل الصحراء الغربية، لكن جهود التنقيب لم تظهر حتى الآن نتائج إيجابية في هذا الصدد.

ووقع المغرب عدة اتفاقيات منها اثنتان للتنقيب عن النفط مع شركتي "توتال فينا إلف" الفرنسية و"كيرمالك غي كورب" الأميركية في أكتوبر/تشرين الأول 2001، الأمر الذي قوبل باعتراضات كبيرة خصوصا من طرف جبهة البوليساريو.

وقد ألجأ ذلك المغرب إلى طلب المشورة القانونية من الأمم المتحدة، فصدرت فتوى عن المستشار القانوني للأمم المتحدة "هانس كوريل" تعطي المغرب الحق القانوني في القيام بعمليات التنقيب عن النفط في الصحراء الغربية، بشرط ألا يستغل المغرب النفط تجاريا دون موافقة السكان المحليين.

وأعلن ناطق باسم مجلس الأمن الدولي في وقت لاحق أن فتوى المستشار القانوني للأمم المتحدة ليست ملزمة لأي جهة من الجهات، مما يعني أن الجدل سيبقى قائما ما لم يتضح الوضع في الصحراء الغربية بين الطرفين المتنازعين (المغرب وجبهة البوليساريو).

واحتجت الحكومة المغربية لاحقا على منح إسبانيا ترخيصا لشركة "ريسبول" الإسبانية الأرجنتينية المختلطة للتنقيب في المياه الإقليمية بين جزر الكناري والصحراء الغربية، بحكم أن بئرين من مجموعة الآبار التسع المرتقب التنقيب فيها تقعان أو تمتدان داخل مياه المغرب الإقليمية.

وطلبت الرباط من مدريد إعادة النظر في الترخيص الممنوح للشركة، مؤكدة أن الأمر يتطلب اتفاقية لتحديد المياه الإقليمية بين البلدين لتفادي أي لبس أو غموض مستقبلا.

لكن وزارة الخارجية الإسبانية ردت على الاحتجاجات المغربية بقولها: "يدرك المغاربة أنه لا توجد بيننا اتفاقية لتحديد المياه الإقليمية بين جزر الكناري والصحراء الغربية، وقد لجأنا إلى تحديد أحادي يقوم على احتساب نصف المسافة التي تفصل بين البلدين. ولكن المسؤولين المغاربة يؤكدون أن إسبانيا، ولاحقا الاتحاد الأوروبي، كانوا يعترفون بأن هذه المياه مغربية عند توقيعهم اتفاقيات الصيد البحري مع الرباط.

5- السياحة
تمتلك الصحراء الغربية إمكانيات سياحية هامة ومتنوعة وكبيرة، تدعمها مناظر صحراوية خلابة وسواحل ممتدة على مئات الكيلومترات تضم مواقع رائعة للسياحة والاستجمام البحري، يضاف إلى ذلك توفر الظروف الملائمة لسياحة المغامرة والاستكشاف.

ومن المناطق السياحية المشهورة في الصحراء: واحة لمسيد، بحيرة نايلة، خليج خنيفيس، شلالات أم بدعة، وادي تافودار، وشواطئ مدينة الداخلة التي تشتهر بأنها وجهة جاذبة لهواة رياضة ركوب الأمواج والتزحلق على الماء.

ورغم هذه الإمكانيات الهامة فإن المنطقة تعاني من نقص في البنى الأساسية السياحية (الفنادق وموانئ الاستجمام البحري والمخيمات… إلخ)، ومع ذلك فإن النشاط السياحي يشكل أحد أهم المرتكزات المستقبلية للاقتصاد الصحراوي.

6- التجارة
يعتبر القطاع التجاري من أكثر القطاعات جذبا للعمالة، وهو نشاط تقليدي من الأنشطة التي مارسها الصحراويون منذ القدم، حيث كانت المنطقة تشكل معبرا للقوافل القادمة من المغرب والمتجهة نحو جنوبي الصحراء الكبرى (موريتانيا، ومالي، والسنغال، والنيجر).

ورغم اختلاف الظروف الآن عن الوضع في السابق فإن الصحراويين ما زالوا مولعين بالأعمال التجارية. وتعد مدينة العيون وعبر بنيتها الأساسية (مطار، ميناء، ملتقى طرق برية..) مسيطرة على أهم مفاصل العمل التجاري في المنطقة، ويعمل في القطاع التجاري ما بين 21 و25% من مجموع السكان الناشطين اقتصاديا.

ويمكن للمنطقة أن تلعب -كما كانت تلعب دائما عبر تاريخها الطويل- دورا هاما كمنطقة عبور بين أوروبا والشمال الأفريقي والدول الأفريقية جنوبي الصحراء، ولا شك في أن اكتمال الطريق البري الرابط بين السنغال والمغرب عبر موريتانيا سيعيد صياغة النشاط التجاري في المنطقة كلها.

المصدر : الجزيرة