جمهورية هاييتي.. أفقر بلدان الأميركيتين التي شهدت أول ثورة للعبيد

خريطة - خارطة - هاييتي
خريطة هاييتي (الجزيرة)

تقع هاييتي في الثلث الغربي من جزيرة هسبانيولا في بحر الكاريبي بأميركا اللاتينية، وتحدها شرقا الدومينيكان، وغربا كوبا، ولكن يفصل بينهما المحيط الأطلسي. واكتشفها الرحالة الإيطالي كريستوفر كولومبوس عام 1492، وظلّت مستعمرة لإسبانيا حتى تقاسمتها معها فرنسا بموجب معاهدة وقعت سنة 1697. وشهدت أول ثورة للعبيد في العالم، وتصنف أنها أفقر بلدان الأميركيتين وتعاني اضطرابا أمنيا وأزمة إنسانية متنامية ونقصا في الغذاء.

المعلومات الأساسية

  • الاسم الرسمي: جمهورية هاييتي.
  • الاسم المختصر: هاييتي.
  • العاصمة: بورت أوبرانس.
  • اللغات: الفرنسية والكريولية الهاييتية.
  • النظام السياسي: جمهوري.
  • العملة: غورد.
  • المساحة: 27.750 كيلومترا مربعا.

الجغرافيا

تقع هاييتي في الجزء الغربي من جزيرة هاييتي (أو هيسبانيولا) الذي تشترك فيه مع جمهورية الدومينيكان (شرق)، وهي الجزيرة الثانية مساحة من جزر الأنتيل الكبرى بعد كوبا.

المناخ: مداري جاف.

السكان

ووفق إحصاءات عام 2021، تقدر بنحو 11.402.528 نسمة، أغلبهم (نحو 95%) من الأفريقيين، جلبوا إلى هاييتي في ظل العبودية خلال القرنين الـ17 والـ18.

ويعيش أغلب سكان هاييتي في الريف، ومعظم مساكنهم من الأكواخ، ومستوى الدخل منخفض، والمستوى الصحي متدهور بسبب انتشار الأمراض. ويدين أغلب سكان البلاد بالمسيحية، ويشكل أتباع كنيسة الرومان الكاثوليك 80% منهم، في مقابل 16% بروتستانت، كما يوجد في هايتي أتباع لديانة الفودو، إضافة إلى أقلية من المسلمين يعيش أغلبهم في العاصمة بور أو برنس.

اللغة الرسمية في هايتي هي الفرنسية والهايتية، وتعيش في البلاد أقلية عربية أصلها من اليمن ولبنان وسوريا وفلسطين، وتقول بعض المصادر إن طلائع العرب وصلت إلى هذا البلد في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي.

 

التقسيم الإداري

تنقسم هاييتي إلى 10 مقاطعات، العاصمة هي بورت أوبرانس، وهي أكبر مدينة في البلاد (1.1 مليون نسمة)، وتقع في خليج جينوفا، وأهم المدن بورت بابكس، وكيب هابيتان، وتشكل المرتفعات أكثر من 3 أرباع أراضي هاييتي.

نظام الحكم

نظام جمهوري، ورئيس هاييتي ينتخبه الشعب لمدة 5 سنوات، ويسنّ البرلمان الذي يطلق عليه الجمعية الوطنية القوانين.

وتتكون الجمعية الوطنية من مجلسين: مجلس الشيوخ ويضم 27 عضوا ينتخبهم الشعب لمدة 6 سنوات، أما المجلس الآخر فهو مجلس النواب وبه 83 عضوا ينتخبهم الشعب لمدة 4 سنوات.

ويعين الرئيس رئيس الحكومة الذي يختاره حزب الأغلبية في البرلمان، ورئيس الحكومة يعين أعضاء وزارته بعد إجراء المشاورات اللازمة مع الرئيس.

الاقتصاد

يعيش 80% من السكان تحت خط الفقر، 54% منهم في فقر مدقع، ويعتمد نحو ثلثي السكان على الزراعة، وأهم الحاصلات الزراعية هي البن وقصب السكر والأرز والذرة والكاكاو والبطاطا الحلوة والموز والقطن.

وفي هاييتي موارد طبيعية مثل الرخام والحجر الجيري والبوكيست والنحاس.

وزادت حركة تصدير الملابس والاستثمارات أخيرا بعد ارتباط الاقتصادي الهاييتي بالاقتصاد الأميركي، بتوقيع اتفاقية إيجاد فرص اقتصادية في نصف الكرة الغربي وتشجيع المشاركة الاقتصادية في ديسمبر/كانون الأول 2006.

وساعدت هذه الاتفاقية على حرية وصول منتجات هاييتي إلى الأسواق الأميركية برسوم جمركية قليلة، كما وقعت اتفاقية، في أكتوبر/تشرين الأول 2008، زادت صادرات قطاع الملابس.

ويحقق قطاع الملابس ثلثي صادرات هاييتي، وتقريبا عُشر إجمالي الناتج المحلي، أما التحويلات المالية الخارجية فتُعدّ المصدر الرئيس للعملة الأجنبية، وتعادل ربع إجمالي الناتج المحلي، وأكثر من ضعف قيمة صادرات البلاد.

التاريخ

جزيرة هيسبانيولا (هاييتي) اسم مشتق من كلمة هندية تعني الأرض المرتفعة، وهي إحدى بلدان البحر الكاريبي في أميركا اللاتينية التي وصلها كريستوفر كولمبوس عام 1492، وأسس هناك مستعمرة إسبانية، احتلتها فرنسا عام 1626، واعترفت إسبانيا بهذا الاحتلال عام 1679.

طوّر الفرنسيون المستعمرة الجديدة، وأطلقوا عليها اسم "سان دومينغو"، وجعلوها أغنى مستعمرة في البحر الكاريبي، وجلبوا إليها أعدادا كبيرة من الأفارقة، للعمل في مزارع البن والتوابل.

وبحلول عام 1788 كان عدد الأفارقة يربو على نصف مليون نسمة، أي ما يعادل 8 أضعاف المستعمرين الفرنسيين أنفسهم.

وفي عام 1791، خلال اشتعال الثورة الفرنسية، ثار الأفارقة على الفرنسيين، ودمّروا المزارع والمدن، واستولى توسان لوفتير -أحد زعماء الأفارقة- على السلطة.

وبعد أن تولى نابليون الأول الحكم في فرنسا عام 1799، أرسل جيشا إلى هاييتي، لاستعادة الحكم الفرنسي مرة أخرى، فاعتقل الجيش توسان، وزُجّ به في السجن، ثم أُرسل إلى فرنسا.

غير أن كثيرا من أفراد الجيش الفرنسي وقعوا صرعى الحمى الصفراء، فتمكن الثوار عام 1803 من هزيمة الجيش، وفي مطلع يناير/كانون الثاني 1804، أُعلن استقلال البلاد، وإقامة دولة تحمل اسم "هاييتي"، البلد الوحيد الذي استقل إثر ثورة قادها العبيد.

وقد كانت هايتي في القرن الثامن عشر المستعمرة الأغنى في العالم الجديد، وكان الاحتلال الفرنسي يعتمد عليها في أكثر من ربع الموارد الاقتصادية الفرنسية قبل أن تستقل عن سلطات باريس.

في القرن العشرين عاشت هايتي ثلاثة عقود تحت الاستعمار الأميركي الذي غادرها في 1934، وشهدت بعد الاستقلال الجديد سلسلة من الاضطرابات الاجتماعية والانقلابات بعضها دعمته الولايات المتحدة.

نزاعات مستمرة

منذ الاستقلال وهاييتي تغرق في حروب ونزاعات سياسية مستمرة، إذ تولى حكمها 32 حاكما، خلال الفترة من 1844 حتى عام 1915.

وهاييتي التي أصبحت تحت حماية الولايات المتحدة بين عامي 1905 و1934 تعدّ واحدة من أفقر الدول في النصف الغربي من الكرة الأرضية.

فبعد نحو 3 عقود من الحكم الدكتاتوري والعسكري انتُخب جان بيرتراند أريستيد، وهو قس سابق، رئيسا للجمهورية عام 1990، ولكن سرعان ما استولى العسكريون على السلطة مرة أخرى.

وعام 1994 تمكن أريستيد من العودة إلى الحكم مرة أخرى، بعد أزمة عنيفة اجتاحت البلاد، وتدخلٍ مباشر من الولايات المتحدة الأميركية.

وشهدت أول انتقال سلمي للسلطة في 7 فبراير/شباط 1996، إذ خلف رينيه بريفيال، أريستيد الذي عاد إلى الحكم مرة ثالثة عام 2001، واستمر حتى عام 2004، إثر اندلاع تمرد مسلح نتج عنه استقالته ونفيه خارج البلاد في فبراير/شباط 2004.

وبعد حقبة من الصراع المسلح في هاييتي، أنشأت الأمم المتحدة مطلع يونيو/حزيران 2004 بعثة متعددة الجنسيات لبسط الأمن والاستقرار في البلاد التي لا تمتلك جيشا وطنيا حتى اليوم.

وفي 2004 أيضا شُكلت حكومة انتقالية تولت السلطة وعملت على تنظيم انتخابات جديدة تحت إشراف "بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في هاييتي".

وتسبب استمرار العنف في تأجيل الانتخابات حتى عام 2006، إذ انتُخب الرئيس رينيه بريفيال في مايو/أيار 2006، ليعود لحكم البلاد مرة ثانية واستمر حتى عام 2011، تولى بعده الحكم ميشال مارتيلي الذي تنحى في فبراير/شباط 2017، ليتولى بعده جوفينيل مويس الذي كان يعمل في مجال تصدير الموز قبل أن يتحول إلى السياسة واغتيل اليوم الأربعاء السابع من يوليو/تموز 2021.

إعصار ماثيو

وفي 2010 وقع زلزال مدمر في هاييتي بقوة 7 درجات على مقياس ريختر أدى إلى تسوية أجزاء كثيرة من العاصمة بالأرض.

بعد ذلك بنحو 6 سنوات اجتاح هاييتي إعصار ماثيو في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2016، فأودى بحياة نحو ألف شخص وترك أكثر من 1.4 مليون آخرين بحاجة إلى مساعدات إنسانية بينهم 175 ألفا شرّدوا.

وعقب الإعصار بأيام، وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول 2016 اضطر مواطنون من هاييتي يعانون الجوع والمرض إلى الانقضاض على شاحنات للأمم المتحدة في أثناء زيارة قصيرة قام بها الأمين العام للمنظمة الدولية وقتئذ بان كي مون.

وتسببت السيول التي رافقت الإعصار في موجة جديدة من الإصابات بمرض الكوليرا، وخلصت دراسات علمية عديدة إلى أن ظهور مرض الكوليرا بهاييتي يرجع إلى قاعدة في ميرباليه يستخدمها جنود حفظ السلام النيباليين وتبعد نحو ساعة عن العاصمة، وأن سلالة الكوليرا تتطابق مع سلالة مزمنة في نيبال.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية