الذكاء الاصطناعي.. حينما تفكر الآلة

Baidu's robot Xiaodu (L) is seen on display at the 2015 Baidu World Conference in Beijing, China, September 8, 2015. Xiaodu, an artificial intelligent robot developed by Baidu, has access to the company's search engine database and can respond to voice commands, Baidu says.REUTERS/Kim Kyung-Hoon
يعد الرجل الآلي أحد تجسيدات الذكاء الاصطناعي (رويترز)

الذكاء الاصطناعي تعبير يطلق على القدرات التي تبديها الآلات والبرامج، بما يحاكي القدرات الذهنية للبشر، مثل التعلم والاستنتاج ورد الفعل على أوضاع لم تبرمج في الآلة، كما أنه اسم لحقل أكاديمي معني بكيفية صنع حواسيب وبرامج قادرة على اتخاذ سلوك ذكي.

أصل التسمية
يعود طرح مصطلح الذكاء الاصطناعي إلى عالم الحاسوب الأميركي جون مكارثي (1927- 2011) الذي صاغه عام 1956، وهو العام الذي شهد انعقاد مؤتمر علمي في كلية دارتموث الأميركية للإشارة للأبحاث الجارية آنذاك حول إمكانية تصميم آلة ذكية قادرة على تقليد ومحاكاة عمل البشر، وأعلنت فيه عن حملات دعم مالية سخية للوصول إلى اختراع يشبه العقل البشري يمكّن الآلات من العمل بمفردها دون الحاجة للإنسان.

قفزات
شكل تطور لغات البرمجة والإعلام الآلي حافزا للمضي قدما في تعزيز الذكاء الاصطناعي لدرجة أنه أصبح علما قائما بحد ذاته، يجمع بين العديد من العلوم الأخرى كالبرمجة والمنطق والرياضيات وحتى علم النفس والفلسفة.

حقق التطور في تقنية الذكاء الاصطناعي قفزات كبيرة، وتعد تقنية "التعلم العميق" أبرز مظاهره، وهي ترتكز على تطوير شبكات عصبية صناعية تحاكي في طريقة عملها أسلوب الدماغ البشري، أي أنها قادرة على التجريب والتعلم وتطوير نفسها ذاتيا دون تدخل الإنسان.

مجالات
يعتمد الذكاء الاصطناعي على أنظمة التعرف على الوجوه والأصوات والأشكال، مما جعل استخدامه واسع الانتشار في الحياة اليومية وفي الكثير من المجالات المختلفة حيث يستخدم في الصناعة، والتحكم الآلي والنظم الخبيرة، والطب والأحياء، والتعليم، وحتى الألعاب.

وفي مجال الطب توجد برامج تشخيص الأمراض بناء على أعراض مرضية معروفة مع استخدام المنطق والاحتمالات والاستدلال لكي يكون الخبير الآلي مالكا لمهارات مقاربة للعنصر البشري.

وفي المجال اللغوي تم استعمال الأنظمة الذكية في التدقيق اللغوي والصرف والنحو ومخاطبة الناس، لكن ورغم أن الترجمة الآلية أحرزت تقدما كبيرا في الوقت الحالي، فإنها لم تصل لنفس الجودة التي يقدمها المترجم البشري، وعجزت معظم البرامج في الوصول إلى ذلك بالنظر لعدم قدرتها على فهم سياق الكلام.

أما في مجال ألعاب الفيديو فقد أحدث الذكاء الاصطناعي انقلابا كبيرا فيه من خلال الوصول للمزيد من الإثارة والتشويق ومقابلة خصم أكثر ذكاء مما كان من قبل، وتتيح الأنظمة التي تشغل ألعاب الفيديو قدرا أكبر من المحاكاة، فتصّرف أفراد اللعبة أصبح ذاتيا ومختلفا وفق الظروف سواء في ألعاب القتال أو مباريات كرة القدم أو غيرها.

الرجل الآلي 
انتشر الرجل الآلي -أحد تجسيدات الذكاء الاصطناعي- في العديد من المجالات خاصة الصناعية  وعوّض اليد العاملة البشرية، واستعمل أيضا في التجارب والأعمال الخطيرة التي لا يمكن للبشر القيام بها.

وتستخدم الروبوتات في الصناعة وقيادة الطائرات والمركبات الفضائية، كما تستخدم في المجال العسكري والقتال وأعمال التجسس والمراقبة والحراسة والأمن. وفي مجال الطب ابتكرت بعض الروبوتات التي تقوم بتشخيص الأمراض وحتى القيام بعمليات جراحية دقيقة جدًا مثل جراحة العيون.

وثمة روبوتات منزلية تساعد على القيام بأعمال المنزل، إلا أن انتشارها نادر بسبب كلفتها الباهظة، ويعتقد الكثير من العلماء أن مستقبل الذكاء الاصطناعي سيكون موجها نحو الاستخدام اليومي لتسهيل حياة الناس، حيث ينتظر ظهور الروبوتات التي تقوم بالأعمال اليومية كقيادة السيارة وتنظيف المنزل ومراقبة الأطفال، كما أن تطور الوعي الاصطناعي سيجعل من الروبوتات أكثر تفاعلا وارتباطا بالإنسان.

طموح وتحذير
لا يتوقف طموح العلماء والباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي عند حد، ويبلغ ذروته عند من يتحدثون عن إمكانية تصنيع عقل ذي ذكاء خارق يفوق القدرة البشرية، ويتحدثون أيضا عن الوعي الاصطناعي أو الشعور.

وفي غمرة السعادة بما تحقق والتطلع لما سوف يتحقق في هذا المجال، يحذر فريق من العلماء من أن ذلك قد يعني سيطرة الآلات واضمحلال دور البشر، وقال عالم فيزياء الفلك البريطاني ستفين هوكينغ إن الذكاء الاصطناعي الكامل بمعنى ابتكار أجهزة حاسوب تمتلك عقولا خاصة بها "يمكن أن يؤذن بنهاية الجنس البشري".

ويعتبر مؤسس شركة "تيسلا" لإنتاج السيارات الكهربائية إلمون موسك الذكاء الاصطناعي "أكبر تهديد يواجه وجودنا نحن البشر"، وشبّه الآلات التي تفكر بـ"الأسلحة النووية" و"الشيطان".

وأجرى الفيلسوف السويدي نيك بوستروم الذي يعمل بجامعة أوكسفورد استطلاعا للرأي بين مجموعة من خبراء الذكاء الاصطناعي حول الموعد الذي يثقون أن العلم سيحقق فيه مستوى رفيعا من ذكاء الآلات.

وأعرب هؤلاء العلماء عن اعتقادهم بأن ذلك سيتحقق في المتوسط عام 2075، وبعد 30 عاما يمكن ابتكار الآلات ذات الذكاء الفائق، التي يمكن أن تتفوق على تفكير الإنسان، وقال 21% ممن شملهم الاستطلاع إن ذلك لن يتحقق على الإطلاق.

أما أستاذ علم الحاسوب بجامعة مونتريال الكندية يوشوا بينغيو فيرى أنه لا ينبغي القلق من التقنيات الذكية، فهي تحتاج لسنوات كثيرة من التطور البطيء والتدريجي قبل أن تصل إلى المدى الذي يخشاه هؤلاء، لأنها تستند في تطورها إلى علوم وأفكار لا تزال في بداياتها.

المصدر : الجزيرة