حي الوعر.. صمود حتى آخر رمق

تهجير حي الوعر في حمص صور شبكة شام
عانى سكان حي الوعر من القصف والحصار والتجويع والتهجير خلال أربعة أعوام (ناشطون)
حي الوعر هو أحد أحياء مدينة حمص، يعرف باسم حمص الجديدة، بقي لسنوات الحي الوحيد الذي تسيطر عليه المعارضة في المدينة، فشل النظام السوري خلال أربع سنوات في استرجاعه عسكريا، فأخضعه لحصار مطبق وقصف متواصل، ووقع مع ممثلين عن سكانه في مارس/آذار 2017 اتفاقا يقضي بإجلاء مقاتلي وعناصر المعارضة وخضوع الحي لسيطرة مشتركة بين الروس والنظام.

الموقع
يقع حي الوعر غربي مدينة حمص (نحو خمسة كيلومترات من وسط المدينة) ويقع على الضفة الغربية لنهر العاصي، بالقرب من منطقة عسكرية تضم بعض أهم ثكنات القوات النظامية داخل حمص. ينقسم الحي إلى قسمين أحدهما يسمى حمص الجديدة ويضم العديد من المؤسسات والمباني الحكومية.

السكان
كان عدد سكان حي الوعر قبيل اندلاع الثورة السورية نحو خمسين ألفا، وبعد حملات القتل والتشريد والتهجير -التي استهدفت سكان حمص القديمة- نزح عشرات الآلاف منهم تجاه حي الوعر الذي بقي لسنوات تحت سيطرة المعارضة، خلافا لبقية أحياء حمص.

التاريخ
حي الوعر هو أحد أحياء مدينة حمص التي تأسست مطلع الألفية الثالثة قبل الميلاد، وتداول على حكمها اليونانيون والرومان والبيزنطيون، وفي عام 14 للهجرة النبوية (635 للميلاد) فتحها المسلمون.

وحكم حمص العثمانيون عام 1516، وظلت تحت سيطرتهم زمنا قبل أن يضمها محمد علي باشا إلى حكمه، وعام 1920 خضعت للاحتلال الفرنسي حتى عام 1946.

انخرط حي الوعر كغيره من أحياء حمص في الثورة السورية مبكرا حتى سميت المدينة يوما بعاصمة الثورة، ومنتصف 2013 فرضت عليه قوات النظام حصارا استمر نحو أربع سنوات، وحاولت مرارا السيطرة عليه باستخدام مختلف أنواع الأسلحة، ولكن قوى المعارضة المتحصنة داخله ظلت تصد كل هجوم.

ومع خروج المقاتلين من أحياء حمص القديمة في (مايو/أيار 2014) وسيطرة النظام على أحياء المدينة القديمة، أصبح حي الوعر الوحيد الباقي تحت سيطرة المعارضة، وأدى ذلك إلى زيادة حركة النزوح نحوه، وشدة الحملات العسكرية عليه.

وبعد انهيار الأوضاع الإنسانية داخله، بدأت في يوليو/تموز 2014 جولات من المفاوضات بين أهالي الحي وممثلين عن النظام، وقد نجحت في الاتفاق على العديد من الهدن، منها ما كان برعاية أممية، ومنها ما كان دون وسيط بين الجانبين، إلا أن ذلك لم يمنع من فشلها جميعا.

ومطلع ديسمبر/كانون الأول 2015 تم التوصل إلى اتفاق هدنة بين النظام والمعارضة برعاية أممية قضى بـ ترحيل ألفي مقاتل ومدني من حي الوعر إلى مناطق سيطرة المعارضة في ريف إدلب، مقابل فك الحصار وإدخال المساعدات الإغاثية، بالإضافة لتسوية أوضاع المقاتلين الراغبين بتسليم سلاحهم.

وخلال أيام، خرج نحو ثلاثمئة مقاتل من قوات المعارضة، إضافة لنحو مئة من عائلاتهم، من حي الوعر تنفيذا لبعض بنود ذلك الاتفاق، بيد أن تنفيذ باقي البنود توقف بسبب رفض النظام إخلاء سبيل المعتقلين من أهالي الحي.

ومطلع سبتمبر/أيلول 2016 اتفق الطرفان من جديد على وقف النظام قصفه للحي المحاصر، وكشف مصير أكثر من سبعة آلاف معتقل تقدمت المعارضة بأسمائهم، مقابل إعادة العمل بالاتفاق المبرم عام 2015 برعاية الأمم المتحدة، والذي قضى بخروج مقاتلي المعارضة من الحي على دفعات إلى الشمال السوري.

وتم النص على تنفيذ بنود الاتفاق على خمس مراحل، هي:

– المرحلة الأولى: الاتفاق على خروج ثلاثمئة مسلح برفقة عائلاتهم دفعة أولى من حي الوعر إلى المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة بمحافظة إدلب شمال غربي البلاد، على أن يفتح النظام الطرق ويدخل المواد الغذائية إلى الحي.

– المرحلة الثانية: يفرج النظام عن مئتين من أهالي الوعر يحتجزهم في سجونه، مقابل خروج خمسمئة من مقاتلي المعارضة مع أسرهم صوب مناطق سيطرة المعارضة في إدلب.

– المرحلة الثالثة: يفصح النظام عن مصير سجناء يحتجزهم وفق قوائم تقدمها لجنة التفاوض، مقابل خروج ثلاثمئة من مسلحي المعارضة مع أسرهم.

– المرحلة الرابعة: تتخلى المعارضة عن مواقع ومؤسسات حكومية في الحي، مع خروج باقي المقاتلين مع أسرهم.

– المرحلة النهائية: يتسلم النظام السوري الحي بالكامل من المعارضة.

ويوم 11 مارس/آذار 2017 تم التوصل لاتفاق -برعاية روسية- يقضي بإجلاء مقاتلي المعارضة من الحي باتجاه ريف حمص الشمالي الذي تسيطر عليه المعارضة، أو إلى إدلب أو جرابلس ضمن المنطقة الآمنة بريف حلب الشمالي على الحدود التركية مقابل رفع الحصار، وهو ما تم تطبيقه حيث خرجت مئات العائلات من الحي، بينما تعهدت موسكو بنشر شرطة روسية في الحي.

المصدر : الجزيرة + وكالات