رئيس منظمة يهودية دعا لهدمها.. تعرف أكثر على قبة الصخرة

مسجد قبة الصخرة ذو القبة الذهبية، ويقع في قلب مساحة المسجد الأقصى
قبة الصخرة أقدم بناء في العهد الإسلامي بقي محافظا على شكله الهندسي وعناصره المعمارية والزخرفية من دون تغيير (الجزيرة)
استنكر الفلسطينيون دعوات أطلقها رئيس منظمة "لهافا" اليهودية لحشد المستوطنين من أجل اقتحام المسجد الأقصى المبارك والبدء بهدم قبة الصخرة يوم الأحد 29 مايو/أيار الجاري.

وأدانت وزارة الخارجية الفلسطينية تصريحات رئيس منظمة "لهافا" بنتسي غوبشتاين التي دعا فيها إلى البدء بتفكيك قبة الصخرة لإفساح المجال لبناء الهيكل المزعوم في باحات المسجد الأقصى.

وتعتبر قبة الصخرة المشرفة أحد أهم المعالم المعمارية الإسلامية في العالم، فهي أقدم بناء أقيم في العهد الإسلامي بقي محافظا على شكله الهندسي الأصلي وعناصره المعمارية والزخرفية في الأغلب من دون تغيير.

وتضيف العناصر المعمارية في قبة الصخرة رونقا لا يضاهى، حتى أن نظريات كثيرة قد بحثت ونشرت بشأن تفسير بناء هذه القبة، وشكلها، وسبب بنائها على هذا الأساس المميز والمختلف عن جميع الأبنية ذات الصبغة الدينية في عصور المسلمين كلها.

عبد الملك بن مروان

ـ حضر الخليفة عبد الملك بن مروان شخصيا إلى بيت المقدس، فأرسل بكتبه إلى الأمصار يستشير رعيته فيما يصنع، فكانت إجابتهم "نرى رأي أمير المؤمنين موفقا ورشيدا إن شاء الله يتم له ما نوى من بناء بيته وصخرته ومسجده ويجري ذلك على يديه ويجعله تذكرة له ولمن مضى من سلفه".

ـ عام 66 هـ/685 م: بدأ الخليفة الأموي العمل في بناء قبة الصخرة وتم الفراغ منها عام 72 هـ/691 م، وأشرف على بنائها المهندسان رجاء بن حيوة الكندي وهو من التابعين المعروفين وأصله من مدينة بيسان في فلسطين، ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان وهو مهندس من القدس.

ـ أوكل عبد الملك بن مروان إلى المهندسين ببناء قبة السلسلة الموجودة الآن قبالة الصخرة فأعجبته وأمر بالبناء على هيئتها حيث أوقف عليها خراج مصر لسبع سنوات.

ـ فاض عن بناء قبة الصخرة حوالي مائة ألف دينار فأرسلوا للخليفة عبد الملك بن مروان أن ينفقها فيما يحب. فكتب إليهما: قد أمرت لكما بجائزة لما وليتما من عمارة البيت الشريف، فكتبا إليه: نحن أولى أن نزده من حلي نسائنا فضلا عن أموالنا، فاصرفها في أحب الأشياء إليك، فأخبرهم بأن تسبك وتفرغ على القبة.

ـ أما عن دوافع بناء القبة فيدعي بعض المؤرخين أن الخليفة الأموي قام ببنائها بدافع سياسي حتى يحرم ابن الزبير من الامتياز الذي بين يديه بمكة والمدينة ويحوّل أنظار أهل الشام إلى بيت المقدس ويحرمه كذلك من الإيراد المالي من الحجاج. وكأنه بهذا الإجراء أراد أن يفرض عليه حصارا اقتصاديا.

ـ هناك رأي آخر بأن البناء كان دينيا محضا وذلك بأن يكون للمسلمين مسجد يضاهي في جماله ما لكنائس النصارى من سحر وجمال في بيت المقدس والشام.

شكل البناء

ـ قبة الصخرة بناء مثمن الأضلاع، ويتوسط البناء الصخرة المشرفة، وترتفع هذه الصخرة نحو متر ونصف المتر عن أرضية البناء، وهي غير منتظمة الشكل يتراوح قطرها بين 13 و18 مترا، وتعلو الصخرة في وسط المبنى قبة دائرية قطرها حوالي عشرين مترا.

ـ الشكل العام المثمن لمبنى القبة يقوم على صفين من الأعمدة، يتكون كل صف منها من مجموعة من الأعمدة الكبيرة المستطيلة التي تسمى "المدامك"، ومجموعة من الأعمدة الرخامية الصغيرة الأسطوانية.

ـ يبلغ عدد المدامك في الصف الخارجي ثمانية يقوم عليها المبنى الرئيسي، وبين كل اثنين منها يوجد عمودان صغيران، ويكون بالتالي مجموع هذه الأعمدة الصغيرة في التثمينة الخارجية 16 عمودا.

ـ أما الصف الداخلي فيحيط بالصخرة نفسها ويحتوي على أربعة مدامك كبيرة، وبين كل اثنين منها ثلاثة أعمدة صغيرة يكون مجموعها بالتالي 12 عمودا، وهذه المدامك الأربعة الداخلية هي الأساس الذي تقوم عليه رقبة القبة نفسها.

ـ في الجانب القبلي من الصخرة تقع "مغارة الأرواح"، وهي مغارة طبيعية صغيرة تقع في جوف الصخرة من ناحية القبلة، وتتسع لنحو أربعين شخصا، وفيها ثقب في جسم الصخرة ينفذ إلى الأعلى بقطر بين أربعين وخمسين سنتيمترا، ويستخدم لإضاءة المغارة.

ـ ذكرت خزعبلات وأساطير كثيرة في هذا الثقب، أهمها أنه تشكل بفعل "إصبع جبريل عليه الصلاة والسلام"، أو أنه "خرق بسبب صعود النبي صلى الله عليه وسلم منه إلى السماء ليلة الإسراء والمعراج"، والصواب أن هذا الثقب من عمل الصليبيين.

قباب وزخارف

ـ يوجد في قبة الصخرة 14 محرابا، سبعة متلاصقة منها أمام الباب الشمالي للمبنى، وواحد في الجهة الشمالية الشرقية عند الصف الداخلي للأعمدة المحيطة بالصخرة، وآخر في ناحية القبلة هو المحراب الرئيسي للمبنى، وثلاثة متلاصقة في الجهة الغربية من المبنى، ومحرابان أموي وفاطمي يقعان تحت الصخرة في مغارة الأرواح.

ـ يحتوي المبنى على 52 شباكا، و24 قوسا مغطى بالفسيفساء تربط الأعمدة، و99 بلاطة رخامية سوداء مميزة.

ـ يحتوي مبنى قبة الصخرة على عناصر معمارية وزخرفية غنية جدا، ولا سيما الزخارف الأموية، وتحتوي الفسيفساء الأموية على صور أشجار ونباتات ذكرت كلها في القرآن الكريم.

ـ كما تتميز الزخارف الأموية كلها (سواء الفسيفسائية منها أو تيجان الأعمدة) بأنه لا توجد أي وحدة زخرفية فيها تشبه الأخرى إطلاقا، وتنتشر فيها كتابات أموية بالفسيفساء تعد من أقدم الآثار الباقية للكتابة في العهد الأموي.

ـ تدور هذه الكتابات كلها حول التوحيد وحول رسالة وطبيعة المسيح عليه الصلاة والسلام ونبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم، كما كتبت أجزاء من سورة طه التي تذكر قصة موسى عليه الصلاة والسلام بالفسيفساء على الإطار السفلي لرقبة القبة.

ـ أما القبة الذهبية نفسها فتتكون في الحقيقة من قبتين داخلية وخارجية بينهما مسافة تبلغ نحو متر واحد، والداخلية مصنوعة من الخشب ومكسوة من الداخل بالجص المذهب، أما القبة الخارجية فكانت قديما مصنوعة من الرصاص ومكسوة بالذهب، ثم تغير الكساء إلى ألواح من الرصاص حتى بداية الستينيات من القرن الماضي عندما أعيد كساؤها بألواح الألمنيوم المذهب.

ـ عام 1995: تمت تغطية القبة الذهبية بألواح من معدن الخارصين المطلي طلاء كيميائيا بطبقة رقيقة جدا من الذهب الخالص، واستعمل في تغطيتها 24 كيلوغراما من الذهب، ويعلوها هلال يبلغ ارتفاعه نحو خمسة أمتار، ويبلغ ارتفاع المبنى كله حتى أقصى ارتفاع للهلال نحو أربعين مترا.

ـ كان مبنى القبة في العهد الأموي مغطى من الداخل والخارج بالفسيفساء، وذلك حتى الفترة العثمانية، حيث أمر السلطان سليمان القانوني بتغطية المبنى من الخارج بالبلاط القاشاني الأزرق بدلا من الفسيفساء، وفي نهاية العهد العثماني تمت كتابة سورة يس على محيط المبنى المثمن من الخارج بيد الخطاط محمد شفيق.

 

الاحتلال الصليبي

ـ عام 493 هـ/1099 م: عندما احتل الصليبيون بيت المقدس قاموا بتحويل قبة الصخرة إلى كنيسة عرفت باسم "معبد الرب" كما ذكر بعض الرحالة الكاثوليك، وذكر بعض الرحالة الأرثوذكس أن اسم هذه الكنيسة كان "قدس الأقداس".

ـ تم تحويل الصخرة إلى مذبح وخرقوا الصخرة وصنعوا فيها ثقبا، وذلك لتصفية دماء القرابين في المغارة، كما قطعوا الصخرة وكانوا يبيعون حجارتها بوزنها ذهبا حتى حاول بعض ملوكهم حمايتها فغطوها بالبلاط.

ـ عام 583 هـ/1187 م: بعد تحرير القدس قام صلاح الدين الأيوبي بإعادتها إلى ما كانت عليه قبل الصليبيين وإزالة جميع بصماتهم عنها، فقد قام بإزالة المذبح والبلاط الرخامي الذي كسوا به الصخرة والصور والتماثيل، وكذلك أمر بعمل صيانة وترميم لما يحتاجه المبنى.

ـ كانت القبة قد تعرضت لحريق غير متعمد، حيث يقال إن طفلا كان يصطاد حماما أوقد شمعة على سطحها فأدى إلى الحريق الهائل الذي شب بها.

ـ تم تجديد تذهيب القبة من الداخل وذلك حسب ما نجده اليوم مكتوبا من خلال الشريط الكتابي الواقع داخل القبة والذي جاء فيه ما نصه "بسم الله الرحمن الرحيم، أمر بتجديد تذهيب هذه القبة الشريفة مولانا السلطان الملك الناصر العالم العادل العامل صلاح الدين يوسف بن أيوب تغمده الله برحمته، وذلك في شهور سنة 586".

ـ في عهد محمد بن قلاوون (693 هـ/ 1293 م ـ 741 هـ/1341 م) صنعت لها أبواب نحاسية، وفي عهد الملك الظاهر جقمق الذي تولى حكم مصر في الفترة من 842 هـ إلى 857 هـ (1438 م – 1453 م) أنعم على ناظر الحرم القدسي بـ2500 دينار من الذهب و120 قنطارا من الرصاص فعمر بهما القبة من الخارج.

ـ عام 86 هـ/704 م: تعرضت الصخرة المشرفة لزلزال لكنه لم يؤثر فيها.

ـ سنة 872 هـ/1467 م: جدد السلطان أشرف قايتباي الأبواب النحاسية للمداخل الرئيسة وفي العهد التركي أضافوا القاشاني على جنبات الصخرة المشرفة.

ـ عام 1958 م: قامت الحكومة الأردنية بعمليات ترميم لقبة الصخرة المشرفة استغرقت خمس سنوات وأعيد تجديدها عام 1995 م.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية