تلعفر

Iraqi children walk at a refugee camp near the city of Erbil, northern Iraq, 16 June 2014. Iraqis who fled the violence in Tal Afar arrive at a checkpoint in Erbil, Kurdistan region, northern Iraq. Jihadist militants fighting the Iraqi government on 16 June claimed further advances in the north of the troubled country. The rapid advance of The Islamic State in Iraq and the Levant (ISIL) and other fighters from Iraq's Sunni minority - who complain of discrimination at the hands of al-Maliki's Shiite-led government - has caused international concern.
العمليات العسكرية التي شهدتها تلعفر منذ سيطرة تنظيم الدولة عليها منتصف 2014 أدت إلى نزوح معظم سكانها (الأوروبية)

تلعفر مدينة عراقية تضم تركيبة سكانية متنوعة عرقيا وطائفيا، وكانت في حقبة الاحتلال الأميركي للعراق ساحة اشتباك دائمة. خضعت لسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية منتصف 2014، وفي صيف 2017 أعلنت القوات العراقية سيطرتها عليها.

الموقع
تقع مدينة تلعفر في محافظة نينوى شمالي العراق على الطريق البري رقم 47 الواصل بين الموصل (عاصمة المحافظة) والأراضي السورية، وهي مركز "قضاء تلعفر" الذي يُوصف بأنه من أكبر الأقضية في العراق.

تتبع قضاءَ تلعفر ثلاث نواحٍ إدارية هي: زُمار وربيعة والعياضية، ويحده شرقا قضاء الموصل، وشمالا قضاء دهوك، وغربا قضاء سنجار، وجنوبا قضاء الحضر.

مساحة تلعفر 28 كلم2، وتبعد المدينة عن بغداد 450 كلم شمالا، وعن الموصل 70 كلم غربا، وتتمركز في المثلث الحدودي بين العراق وتركيا وسوريا، ويفصلها عن الحدود مع كلتا الدولتين نحو 60 كلم.

السكان
يبلغ عدد سكان تلعفر قرابة 300 ألف نسمة (طبقا لإحصائيات رسمية صدرت عام 2012)، معظمهم من التركمان الذين يتوزعون طائفيا إلى أغلبية سنية وأقلية شيعية، وتليهم في العدد الأقلية الكردية ثم الأقلية العربية.

التاريخ
مدينة "تلعفر" من أعرق المدن العراقية، وتعرف بقلعتها الأثرية التي أنشئت في عهد الحضارة الآشورية، إذ كانت المدينة مركزا لعبادة "الآلهة" الآشورية المسماة "عشتار".

اكتست أهمية سياسية خاصة عبر القرون لكونها محطة مركزية على الطريق الواصل -عبر العراق- بين منطقة الشام وبلاد فارس. كما كانت إحدى المدن التجارية المهمة في العصور الوسطى بوصفها حلقة ربط بين بلاد الإسلام والدولة البيزنطية في آسيا الصغرى (تركيا اليوم).

وفي تاريخ العراق المعاصر كان لتلعفر حضور بارز في الأحداث الكبرى التي شهدتها البلاد، بدءا من احتلال بريطانيا للعراق، ومرورا بالحرب العراقية الإيرانية وحرب الخليج 1991، وانتهاء بالغزو الأميركي في مارس/آذار 2003 الذي أطاح بنظام حزب البعث بقيادة الرئيس الراحل صدام حسين.

فبعد احتلال الولايات المتحدة للعراق أصبحت تلعفر ساحة للمقاومة العراقية وأصابها ما أصاب بقية البلاد من معاناة أمنية وإنسانية بسبب العمليات العسكرية المتبادلة، فكثرت فيها التفجيرات وعمليات الاشتباك المسلح بين المجموعات المسلحة وبين قوات الاحتلال وعناصر الأمن العراقي، خاصة في الفترة التي نشط فيها تنظيم القاعدة في المنطقة.

ففي 3 أكتوبر/تشرين الأول 2004 قتل 45 شخصا وأصيب أكثر من 80 بجروح جراء قصف أميركي استمر 13 ساعة على تلعفر. وبررت القوات الأميركية هذه العملية بقولها إن "القوات المتعددة الجنسيات وقوات الأمن العراقي هوجمت أثناء قيامها بعمليات لإعادة السيطرة على المدينة من قبضة المسلحين".

وفي 2 سبتمبر/أيلول 2005 بدأ 5000 جندي أميركي وعراقي عملية عسكرية في المدينة هي الأضخم من نوعها منذ محاصرة واجتياح مدينة الفلوجة في نوفمبر/تشرين الثاني 2004، واستخدمت فيها مروحيات الأباتشي للقضاء على "الإرهابيين من أعداء العراق" المتحصنين في المدينة التي "يستخدمونها لتهريب الأسلحة والمقاتلين الأجانب من سوريا لاستهدافنا".

وقد ذكر نازحون من المدينة أن القوات الأميركية استخدمت في قصفها الأسلحة المحرمة دوليا -بما فيها الغازات السامة- أثناء محاولتها دخول المدينة، مما أدى إلى سقوط أكثر من مئتيْ مدني، وتدمير تسعة مساجد وخمس مدارس ومحطات للماء، وهدم أكثر من 140 منزلا سكنيا، ونزوح عشرات الآلاف من السكان.

وقد أعلن الجيش الأميركي انتهاء هذه العملية يوم 22 سبتمبر/أيلول 2005، لكن المدينة والمناطق التابعة لها ظلت تشهد -على مدى السنوات اللاحقة- عمليات عسكرية وهجمات متبادلة بين فصائل المقاومة وبين القوات الأميركية والعراقية، مما زاد من حصيلة خسائرها البشرية والمادية بشكل كبير.

وفي 15 يونيو/حزيران 2014، سيطر مسلحو تنظيم الدولة الإسلامية على تلعفر ذات الموقع الإستراتيجي الحيوي الرابط بين الموصل -أكبر معاقل التنظيم في العراق- ومناطق سيطرته في سوريا، خاصة مدينة الرقة التي توصف بأنها "عاصمة" التنظيم، فطردوا منها القوات الحكومية ومليشيات عصائب أهل الحق بعد قتال عنيف معها، وفرضوا سيطرتهم على كامل المدينة.

ومن يومها أصبحت تلعفر أحد المعاقل القوية لتنظيم الدولة في محافظة نينوى، وتعرضت عدة مرات لغارات جوية شنتها القوات الحكومية وطائرات التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة لإضعاف قبضته على المدينة.

ومن ذلك حادثة قصف طيران التحالف للمدينة يوم 15 مارس/آذار 2015 بغارات جوية استهدفت مستودعا للذخيرة تابعا للتنظيم الذي اتخذ من المدينة موئلا لسكن كثير من قادته ومركز تدريب لمقاتليه، لا سيما "المهاجرين" منهم الذين جاؤوا من بلاد عدة. وقد أوقعت هذه الغارات خسائر بشرية ومادية في صفوف التنظيم ومعداته.

وفي 17 أكتوبر/تشرين الأول 2016 أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي انطلاق معركة استعادة الموصل من أيدي مقاتلي تنظيم الدولة.

 

وبعد سيطرة القوات العراقية على مدينة الموصل، انطلقت عملية عسكرية للسيطرة على مدينة تلعفر. وبعد أيام من القتال، أعلنت وزارة الدفاع العراقية أواخر أغسطس/آب 2017 بشكل رسمي استعادة كامل مدينة تلعفر من يد تنظيم الدولة.

وقبل ذلك، قال قائد عمليات "قادمون يا تلعفر" الفريق عبد الأمير يار الله إن نسبة المناطق التي تمكنت القوات العراقية من استعادتها في مدينة تلعفر (شمالي العراق) تبلغ 70%، وإنه لم يتبق سوى بضعة أحياء تقع في المحور الشمالي لإكمال استعادة كامل المدينة.

الاقتصاد
عُرفت تلعـفر منذ القدم بطابعها الزراعي وقدرتها على إنتاج مختلف المحاصيل، خاصة حبوب الحنطة والشعير والقطن وفواكه التين والرمان. كما تشتهر بتربية الأغنام والبقر والخيل الأصيلة، وتوجد فيها عدة أسواق تجارية. وثمت مؤشرات قديمة على احتواء منطقتها على معادن مهمة مثل الكبريت والفسفور والمغنيسيوم.

المصدر : الجزيرة