ساحة التغيير بصنعاء

ساحة التغيير في صنعاء
ظلت ساحة التغيير طوال عامين رمزا لالتحام اليمنيين في ثورتهم على نظام علي صالح (رويترز)

ساحة بالعاصمة اليمنية صنعاء جعلها الثوار "مدينة خيام" واتخذوها مركزا للاعتصام وانطلاق المظاهرات المطالبة برحيل نظام الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح في ثورة فبراير 2011.

الموقع
تقع "ساحة التغيير" قبالة جامعة صنعاء غربي العاصمة، وتمتد غربا على طول المسافة حتى بوابة الجامعة الجديدة، وشرقا باتجاه شارع العدل، وشمالا إلى شارع الخط الدائري الشهير في صنعاء.

التاريخ
حملت ساحة التغيير -قبل أن يطلق عليها هذا الاسم- اسم "جولة الجامعة الجديدة"، وتميزت بوقوعها أمام الجامعة أهم صرح علمي في صنعاء، ومجاورتها لأهم المحال التجارية في سوق العاصمة اليمنية.

واشتهر اسم "ساحة التغيير" أثناء اشتعال الثورة المصرية التي انتهت برحيل الرئيس حسني مبارك، حيث بدأ طلاب جامعة صنعاء بالتظاهر أمام الساحة المقابلة لجامعتهم التي ما لبثت أن تحولت إلى بؤرة للاحتجاجات ضد النظام اليمني.

واختار المحتجون الساحة مقرا لنصب أول خيام اعتصامهم يوم 20 فبراير/شباط 2011، بعد أن قام أنصار الرئيس صالح بالاعتصام في ميدان التحرير بصنعاء، لمنع المحتجين من اللجوء إليه تيمنا بالثورة المصرية وبرمزية ميدان التحرير في القاهرة الذي احتضنها.

وتكتسي الساحة أهمية إستراتيجية لكون شارع الطريق الدائري (الممثل لأحد أضلاعها) يمتد إلى بوابة الفرقة الأولى المدرعة التابعة للجيش اليمني والتي انضمت إلى الثوار بقرار من قائدها اللواء علي محسن الأحمر.

ورغم صغر مساحة "ساحة التغيير" فإن المحتجين المعتصمين فيها وسعوها بنقل احتجاجاتهم إلى الشوارع المجاورة والجانبية.

فعلى مدى عدة كيلومترات من موقع الساحة، كانت خيام الثوار تمتد في أكثر من اتجاه، مفسحة طريقا صغيرا للمارة حتى لا يعطلوا حركة الحياة لساكني هذه الشوارع وأصحاب المحلات التجارية.

وعلى مدى أكثر من عامين، تطورت فكرة الخيام فلم تعد مجرد قطع قماش مثبتة على الأرض، بل تحولت إلى مساكن خاصة للآلاف من اليمنيين فيها مستلزمات الحياة حتى أطباق الفضائيات، وبنوا لها جُدُرا من الإسمنت تحميهم من تسرب مياه المطر، وبعضهم تطاول في البنيان فجعل لها جُدُرا عالية فيها نوافذ وستائر.

كان الثوار يجلبون الأكل إلى خيامهم في ساحة التغيير، ويجلسون يمضغون "القات" اليمني ساعات من الليل والنهار، وهم يتابعون أخبار الدنيا عبر الإذاعات والفضائيات، ويناقشون تطورات الأوضاع في بلادهم.

بل إن بعض الخيام تحول إلى بقالات صغيرة تبيع ما يطلبه الثوار، وبعضها ضم ورشا لأعمال حرفية تصنع من الجبس، ومحلات بيع الملصقات والشعارات، كما تحولت جدرانها إلى لافتات إعلانية، إلى جانب "المركز الإعلامي" الذي أنشأه الثوار للتواصل مع وسائل الإعلام المحلية والدولية.

هذا فضلا عن الجداريات التي دونت عليها أسماء الشهداء الذين سقطوا خلال الثورة خاصة في "مجزرة جمعة الكرامة" 18 مارس/آذار 2011، التي قتل فيها جنود النظام نحو خمسين شابا من المتظاهرين وأصابوا مائتين.

كانت الساحة رمزا لوحدة اليمنيين جنوبا وشمالا وغربا وشرقا، شبابا وشابات، رجالا ونساء، وقبائل وجنودا، سياسيين وبسطاء.

وكانت خلية نحل لا تهدأ حركتها الاحتجاجية، وتمور بشتى الأنشطة كالندوات والخطب والنقاشات، وتجتذب وسائل الإعلام من كل أنحاء العالم، حتى بعد تنحي الرئيس صالح بموجب المبادرة الخليجية مطلع 2012.

وفي يوم الجمعة 19 أبريل/نيسان 2013 أعلن الثوار إنهاء اعتصامهم في ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء، في أعقاب القرارات العسكرية التي أصدرها الرئيس الانتقالي عبد ربه منصور هادي، وأقال بموجبها نجل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح من منصبه كقائد لقوات الحرس الجمهوري التي ألغيت ودمجت في الجيش.

بيد أن إعلان إنهاء الاعتصام في "ساحة التغيير" لا يعني -عند آلاف الثوار اليمنيين- زوال الفعل الثوري في البلاد. فهم يعتقدون أن ساحة التغيير التي احتضنت شباب الثورة وسقط فيها المئات من الشهداء وآلاف الجرحى، ستبقى رمزا للتغيير في ذاكرة الشعب اليمني.

المعالم
من أبرز المعالم الموجودة في "ساحة التغيير" مسجد جامعة صنعاء الذي كان آلاف المحتجين يؤدون داخله وحوله صلاة الجمعة كل أسبوع، ويتخذونه مستشفى ميدانيا لعلاج المصابين في الاحتجاجات، ومركزا للدعم والتموين.

ويتوسط الساحة نصب تذكاري يدعى "تمثال الحكمة اليمنية"، وهو مزين بالحديث النبوي الشريف المعروف: "الإيمانُ يمانٍ، والحكمةُ يمانيةٌ".

المصدر : الجزيرة