مكتبة الكونغرس.. أكبر المكتبات في العالم

مكتبة الكونغرس، أقدم مؤسسة فيدرالية ثقافية في أميركا وأكبر مكتبة في العالم، والذراع البحثية للكونغرس، التي تمكنه من أداء أعماله الدستورية لتحقيق "التقدم المعرفي والإبداعي" للشعب الأميركي، وتزوده ببحوث شاملة حول مختلف المجالات مثل القانون المقارن والقانون الدولي والقانون الأميركي.

توسعت خدمات المكتبة فيما بعد لتشمل الوكالات الحكومية والمكتبات في جميع أنحاء الولايات المتحدة والعالم والعلماء والباحثين والفنانين الذين يلجؤون إلى مصادرها المتاحة، وتولي اهتماما خاصا بذوي الاحتياجات الخاصة مثل المكفوفين والمعاقين، وتنظم فيها العديد من الحفلات الموسيقية والمحاضرات والمعارض العامة.

الموقع

تقع مكتبة الكونغرس في العاصمة الأميركية واشنطن، داخل مقر الكونغرس في مبنى الكابيتول، وتمتد على مساحة 39 هكتارا، وتضم 3 مبان، أولها جناح توماس جيفرسون (الرئيس الثالث لأميركا) افتتح عام 1897، ويعرف بمكتبة الكونغرس الرئيسية، وشيِّد حسب الطراز المعماري لعصر النهضة.

إلى جانبه يوجد جناح جون آدمز (الرئيس الثاني لأميركا) ويقع شمال المبنى الرئيسي وافتتح في 2 ديسمبر/كانون الأول 1938، إضافة إلى مبنى "جيمس ماديسون" (الرئيس الرابع للدولة) وافتتح عام 1981.

التاريخ

تأسست مكتبة الكونغرس يوم 24 أبريل/نيسان 1800 بمرسوم رسمي من الكونغرس عندما وقع الرئيس الأميركي جون آدمز على قانون لنقل كرسي الحكومة من فيلادلفيا إلى واشنطن، العاصمة الجديدة حينئذ، بهدف أن تكون مرجعا لأعضاء الكونغرس فقط.

وخصص الكونغرس حينها خمسة آلاف دولار لتكون رأسمال المكتبة الجديدة التي ظل موقعها في الكونغرس حتى سنة 1814عندما أحرقها الجنود الإنجليز، وقدم بعد ذلك الرئيس السابق توماس جيفرسون مكتبته لتعويض الدمار في مكتبة الكونغرس.

وفي عام 1815 قبل الكونغرس مكتبة جيفرسون، وكانت تضم 6487 كتابا وتم الإعلان عن تأسيس "المكتبة الوطنية".

كان لأمين مكتبة الكونغرس أينسوورث راند سبوفورد دور فعال في إصدار قانون حقوق الطبع والنشر عام 1870، وهو القانون الذي يفرض على كل المتقدمين لحقوق الطبع والنشر إرسال نسختين من أعمالهم للمكتبة، مما أكسبها تدفق سيل كبير من المصادر.

وأدى الازدياد المضطرد للمواد العلمية والثقافية إلى نقص مساحات الرفوف، فاقترح سبوفورد نقل المكتبة إلى مبنى منفصل عن مقر الكونغرس، وأطلق الكونغرس منافسة لتصميم مبنى خاص بمكتبته عام 1873.

افتتحت المكتبة أمام الجمهور في 1 نوفمبر/تشرين الثاني 1897 لتصبح أول مكتبة عامة لكل الشعب الأميركي، وأول مكتبة بهذا الحجم مفتوحة أمام عامة الشعب.

وأطلقت عام 1995 برنامج المكتبة الرقمية الوطنية (NDLP)، مما أتاح على شبكة الإنترنت نسخا إلكترونية مجانية عالية الجودة للمواد التاريخية الأميركية.

وبحلول عام 2000 (الذي صادف الذكرى المئوية الثانية للمكتبة) أضيفت أكثر من 5 ملايين عنصر على موقع "الذاكرة الأميركية" (American Memory) الخاص بالمكتبة، والذي يضم مخطوطات وأفلاما وتسجيلات صوتية وصورا فوتوغرافية.

تستقبل المكتبة يوميا قرابة 22 ألف مادة، تضيف منها نحو 10 آلاف إلى مجموعاتها، ويتم استلام الغالبية العظمى من الأعمال في مجموعات المكتبة من خلال عملية التقديم لحقوق الطبع والنشر، بالإضافة إلى الهدايا والمشتريات والتبرعات من المصادر الخاصة والوكالات الحكومية الأخرى، والفهرسة في برنامج النشر الخاص بالمكتبة (ترتب المواد فيها قبل النشر مع الناشرين)، والتبادلات مع المكتبات في الولايات المتحدة وخارجها.

وأما العناصر التي لا تضم إلى المكتبة فتعرض للمقايضة مع مكتبات أخرى حول العالم، أو توزع على الوكالات الفدرالية، أو يتبرع بها للمدارس والجمعيات والمنظمات الأخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

حرائق مكتب الكونغرس

تعرضت مكتبة الكونغرس لحريقين تاريخيين، الأول من قبل الإنجليز في 24 أغسطس/آب عام 1814، وفقدت مقتنياتها فعوضتها في 30 يناير/كانون الثاني 1815، بمكتبة توماس جيفرسون، لكنها ظلت جزءا لا يتجزأ من مبنى الكونغرس.

حريق ثان كبير تعرضت له عام 1851 بسبب عطب في أحد المداخن، أدى إلى ضياع ما يقرب من 35 ألف كتاب، من إجمالي 55 ألف كتاب كانت تتوفر عليه حينها، وتم بعد ذلك بناء جناح جديد للمكتبة بمواد غير قابلة للاشتعال، افتتح في 23 أغسطس/آب 1853.

الكتب والمخطوطات

يبلغ طول رفوف مكتبة الكونغرس زهاء 856 كيلومترا، وكانت تضم 160 مليون مادة مختلفة في عام 2015، منها 38 مليون كتاب ومواد مطبوعة بـ450 لغة وأكثر من ستين مليون وثيقة، و12.5 مليون صورة، و5.3 مليون مخطط وخريطة للعالم، و5.5 مليون أسطوانة، مما جعلها أكبر مرجع في العالم للمواد القانونية والخرائط والأفلام والمعزوفات الموسيقية.

وتشمل أيضا 650 فيلما من كلاسيكيات هوليود، وأفلام وثائقية تعود إلى بداية السينما الأميركية، وتمثل السجل الوطني الأميركي للأفلام السينمائية.

كما تحتوي على الوثائق المؤسسة للولايات المتحدة، وتضم نحو 300 ألف كتاب عربي، وأول مصحف مترجم إلى اللغة الإنجليزية، وتحتفظ بنوادر مخطوطات عربية قديمة ولوحات فنية للمسجد الحرام بمكة والمسجد النبوي والروضة الشريفة والمسجد الأقصى.

وصدر قانون عام 1870 ينص على أن تكون المكتبة مسؤولة عن إعطاء أرقام الإيداع لجميع الكتب الجديدة، في الولايات المتحدة وكندا.

وفي عام 2009 شرعت المكتبة في إنجاز مشروع مكتبة العالم الرقمية، بهدف الحفاظ على أكثر من ستين ألفا من الكتب القديمة والنادرة القيمة، التي يصعب تداولها ومطالعتها دون الإضرار بها، من بينها أكثر من ألفي وثيقة عربية ذات قيمة علمية كبيرة، وفتح الباب للمهتمين للاطلاع مجانا على وثائق قديمة عن طريق الإنترنت.

وسجلت المكتبة عام 2021 أكثر من 170 مليون مادة مختلفة، منها أكثر من 25 مليون كتاب مفهرس ومواد مطبوعة بحوالي 470 لغة وأكثر من 75 مليون مخطوطة و 8.2 مليون قطعة موسيقية.

أما عن التراث العربي فتضم المكتبة نحو 400 ألف كتاب عربي، وألفي مخطوطة كتبت في الفترة ما بين القرنين السابع والتاسع عشر الميلادي، وتشمل هذه العناصر مواد في الطب والعلوم والدين والأدب والفلسفة، ونوادر مخطوطات عربية قديمة مثل بعض أعمال ابن سينا، ومخطوطة عن النفط من القرن 14 تعدد فوائد واستخدامات النفط قبل اكتشافه بقرون.

الميزانية

بلغت ميزانية المكتبة عام 2014 ما يفوق 618 مليون دولار، وفي عام 2021 بلغت ميزانيتها أكثر من 800 مليون دولار.

ويصل عدد العاملين فيها 3 آلاف فرد تقريبا، وتعتمد في تمويلها مباشرة على اعتمادات الكونغرس وتلقي الهدايا والتبرعات الخاصة، إضافة إلى مساهمات المؤسسات الوطنية والمصادر الخاصة من خلال مجلس الصندوق الاستئماني لمكتبة الكونغرس.

التعاون مع مكتبة الإسكندرية

كان لمكتبة الإسكندرية دور محوري في تأسيس أكبر مكتبة رقمية عالمية، والتي أطلقتها منظمة اليونسكو بالتعاون مع مكتبة الكونغرس وجهات علمية أخرى من باريس.

وتتيح المكتبة لمستخدميها البحث والاطلاع على كنوز معرفية في كافة المجالات عبر الأرشيف الإلكتروني.

المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية