محمد كريشان

إعلامي تونسي راكم تجربة على مدى سنوات طويلة بصحف تونسية وعربية، كما قدم برامج إذاعية ناجحة، وغطى أحداثا بارزة، وحصل على جوائز عدة. بدأ رحلته مع القنوات الفضائية بقناة أم بي سي، ثم بي بي سي، فالجزيرة عام 1996، قبل بدء البث بثلاثة أشهر.

المولد والنشأة
ولد محمد كريشان يوم 7 يناير/كانون الثاني 1959 في مدينة صفاقس، العاصمة الاقتصادية لتونس. وهو متزوج وله ولدان. 

الدراسة والتكوين
عاش طفولته وتعليمه الابتدائي في مدينة القصرين في الوسط الغربي المتاخم للحدود مع الجزائر. كان والده تاجرا هناك وقد عرف بنضاله السياسي ضد الاستعمار الفرنسي حيث تعرض للسجن، أما جده محمد الذي سمي باسمه فقد اعتقل لتخزينه السلاح للثوار الجزائريين ومات في سجنه بالجزائر. 

هذه البيئة السياسية منذ الصغر جعلته مهتما بأخبارها ومتابعا للصحف والإذاعات التي كان والده مدمنا عليها. انتقلت العائلة إلى صفاقس حيث واصل تعليمه الثانوي وحصل على الثانوية العامة عام 1977 لينتقل إلى العاصمة تونس لدراسة الصحافة وعلوم الإخبار في الجامعة التونسية حيث تخرج ببكالوريوس إعلام عام 1981. وفي صفاقس عرف تجربة المسرح ونشط في الكشافة. 

المسار المهني
شرع في الكتابة الصحفية منذ بداياته في الجامعة وذلك من خلال جريدة "الرأي" الأسبوعية الشهيرة في ذلك الوقت باستقلالية خطها التحريري في بلد لم يعرف سوى بالحزب الواحد وهيمنة شخصية الرئيس الحبيب بورقيبة على كل مناحي الحياة السياسية.

كانت هذه الجريدة التي تعرضت لعمليات حجب كثيرة، والتي أسسها وأدارها شخص سياسي مرموق هو الوزير السابق حسيب بن عمار، المدرسة التي تربى فيها إلى حين اختفائها عام 1988 مع بداية عهد الرئيس بن علي الذي عمد إلى إخماد صوتها منذ البداية لإدراكه لخطورتها.

كانت بدايته الصحفية مقترنة بانتقال مقر قيادة منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس بعد حصار بيروت الشهير عام 1982، فتوجه إلى الكتابة في الشؤون الفلسطينية والعربية، خاصة وأن تونس كانت وقتها كذلك مقرا مؤقتا للجامعة العربية (1979-1991)، فكان دائم الحضور والمتابعة لاجتماعات المؤسسات القيادية الفلسطينية والوزراء العرب في العاصمة التونسية قبلة الصحافيين العرب آنذاك.

كما أتيحت له الفرصة للقيام بتحقيقات كبرى آنذاك في كل من مصر إبان الانسحاب الإسرائيلي من سيناء عام 1982، وفي أعقاب أحداث الأمن المركزي سنة 1986، وليبيا عن تجربتها الفريدة في الحكم عام 1982، وسوريا عام 1990، والجزائر والأردن التي غطى فيها مؤتمرات فلسطينية مختلفة.

هذه المكانة المتميزة لتونس فتحت له الطريق ليكون مراسلا لعدد من الصحف العربية أولها جريدة "عكاظ" التي كان مديرا لمكتبها (1982-1985)، ثم جريدة "الديار" اللبنانية، و"الشرق" القطرية، و"أرابيا" التي صدرت لفترة من لندن

مع مطلع التسعينيات ومع اجتياح العراق للكويت في أغسطس/آب 1990، ومتابعة الناس المكثفة للأخبار في الإذاعات، راودته فكرة خوض التجربة الإذاعية فأعد وقدم برنامجا أسبوعيا في الإذاعة التونسية بعنوان "أحداث عربية" (1991-1993) حازا إعجابا ومتابعة كبيرين أهلته عام 1992 للحصول على جائزة الدولة التقديرية التي يسلمها رئيس الدولة سنويا إلى أفضل صحفي إذاعي.
كما حصل في نفس العام على جائزة تقديرية من الرئيس ياسر عرفات لمتابعته اللصيقة للشأن الفلسطيني. 

هذه التجربة الإذاعية مهدت له الطريق ليصبح بعد ذلك مراسلا لإذاعة "هولندا العالمية" باللغة العربية ثم مراسلا لـ"راديو مونتي كارلو" الشهيرة باللغتين العربية والفرنسية (1990-1994).

ومع بداية البث التلفزيوني العربي الفضائي في لندن مع "أم بي سي" اختارته هذه المحطة ليكون مراسلا لها في تونس فدخل معها عالم التلفزيون ليقرر في أعقاب رحيل القيادة الفلسطينية من تونس
(1994) وعودة الجامعة العربية إلى القاهرة، وما صاحب ذلك من تراجع لأهمية تونس الإخبارية، أن يخوض تجربة في الخارج فالتحق مطلع 1995 بلندن ليعمل مذيع أخبار بقناة البي بي سي العربية.

كانت تلك أول تجربه له في مجال التقديم التلفزيوني ويعود الفضل لهذه المؤسسة العريقة في تدريبه ورعايته وفي إسناد تغطيات له في فرنسا وإسبانيا وفرنسا رغم حداثة تجربته.

لم تستمر تجربة هذه القناة سوى أقل من سنتين حيث أغلق التلفزيون في أبريل/نيسان 1996. ومن الصدف أن قناة "الجزيرة" قد شرعت وقتها في الاستعداد للانطلاق فكان من أوائل الملتحقين بها في يوليو/تموز 1996 أي قبل البث على الهواء بثلاثة أشهر.

في "الجزيرة" عرف إلى جانب تقديم الأخبار بتقديم البرامج الحوارية المختلفة طوال هذه السنوات من "بين السطور"، إلى "ضيف وقضية"، إلى "قضايا الساعة"، و"أولى حروب القرن"، و"العراق ما بعد الحرب" من بغداد لشهرين كاملين. وذلك إلى جانب "ما وراء الخبر" وعدد كبير من الحوارات السياسية الكبرى مع زعماء دول، ووزراء، والتغطيات الخاصة من فلسطين، والعراق، ومصر، وتونس، واليمن، وفرنسا، وموريتانيا، وإسبانيا.

ومحمد كريشان أول عربي يختار عضوا في مجلس إدارة "لجنة حماية الصحافيين" في نيويورك منذ 2011. 

المؤلفات
صدر له كتابان هما "منظمة التحرير، التاريخ و الفصائل" (1986)، و"الجزيرة وأخواتها" (2006)، وهو سلسلة من المقالات عن الجزيرة وقضايا إعلامية مختلفة.

المصدر : الجزيرة